غرب إفريقيا: ثروات غارقة في الصراعات وسبيل نحو تنمية حقيقية
تحرير: محمد المبارك
تعد غرب إفريقيا واحدة من أغنى المناطق الطبيعية في العالم، إذ تزخر باحتياطيات هائلة من النفط الغاز الطبيعي، الذهب، الماس، واليورانيوم، ولكن هذه الثروات الهائلة لم تتحول إلى أساسٍ لرفاهية شعوب المنطقة أو لتنمية مستدامة. على العكس، أصبحت هذه الوفرة سببًا رئيسيًا لما يعرف بـ”لعنة الموارد”، وهي ظاهرة تسببت في فقر وفساد وصراعات دامية في دول غنية بالمقدرات.
“مفارقة الوفرة” هي المصطلح الذي يطلق على هذه الظاهرة التي تجعل الدول التي تتمتع بموارد طبيعية ضخمة غارقة في معاناة اقتصادية واجتماعية. على سبيل المثال، نيجيريا، التي تعد من أكبر منتجي النفط في إفريقيا، مع صادرات نفطية تشكل 90% من إيراداتها، لا تزال تحتل مراكز متأخرة في مؤشرات التنمية البشرية، فيما يعاني مواطنوها من الفقر الشديد. وفي مالي، رغم الغنى بالذهب، وسيراليون الغنية بالماس، تظل هذه الموارد عبئًا ثقيلًا على شعوب هذه الدول، حيث لا ينعكس هذا الثراء على حياتهم المعيشية.
المشكلة الأساسية تكمن في الاعتماد على تصدير المواد الخام وعدم تنويع الاقتصاد، مما يجعل هذه الدول عرضة لتقلبات أسعار السلع العالمية، ما إن تهبط أسعار النفط أو الذهب حتى تبدأ الأوضاع الاقتصادية في التدهور بشكل سريع، كما حدث في عدة أزمات سابقة في نيجيريا. إضافة إلى ذلك، فإن عوائد هذه الموارد غالبا ما تكون رهينة الفساد وسوء الإدارة، حيث تذهب مليارات الدولارات إلى جيوب النخب السياسية الفاسدة، والشركات العالمية الكبرى التي تستثمر في هذه الموارد ليست بريئة أيضًا، بل تُتهم باستغلال ضعف الحوكمة في تلك البلدان لتحقيق مكاسب ضخمة، على حساب تحسين حياة المواطنين أو معالجة الآثار البيئية المترتبة عن استخراج هذه الثروات.
كما تلعب الموارد الطبيعية دورا محوريا في تأجيج الصراعات المسلحة في المنطقة، حيث يتم استخدامها لتمويل الحروب الأهلية والعمليات العسكرية، مما يعزز ما يُعرف بـ”اقتصاد الحرب”، وهذا يعتبر الوجه الأشد قسوة لـ”لعنة الموارد”، إذ تتحول الثروات من أداة بناء إلى وسيلة تدمير للمجتمعات.
إن كسر هذه الحلقة المفرغة يتطلب استراتيجية شاملة، تبدأ بالتنويع الاقتصادي وتوجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية مثل الصناعات التحويلية والزراعة، وهو ما سيساهم في خلق فرص عمل مستدامة وتحقيق استقلال اقتصادي، كما يجب تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد من خلال بناء مؤسسات شفافة وفعالة، وتطبيق إصلاحات سياسية متواصلة تضمن استقرار المنطقة.
الأهم من ذلك، أن إعادة التفاوض على عقود استخراج الموارد مع الشركات الأجنبية يتطلب التأكد من أن العائدات تذهب إلى مشاريع تنموية حقيقية، مثل تحسين التعليم والصحة والبنية التحتية، وليس إلى تمويل الحروب أو تعزيز الفساد، هذه هي الطريق نحو تحويل “لعنة الموارد” إلى فرصة حقيقية للتنمية المستدامة في غرب إفريقيا.
-
الطلب الصيني يدفع صادرات غينيا من البوكسيت إلى أعلى مستوى في تاريخها
تحرير : وداد وهبي سجلت صادرات البوكسيت من جمهورية غينيا ارتفاعا قياسيا بنسبة 39%، لتصل إلى 48.6 مليون طن في الربع... إقتصاد -
غوتيريش من إشبيلية: العالم في مفترق الطرق والتنمية تحتاج إلى تمويل عادل وجرأة سياسية
تحرير: وداد وهبي في مدينة إشبيلية الإسبانية، التي تحتضن هذه الأيام المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FFD4)، أطلق الأمين العام للأمم... إقتصاد -
ديوماي فاي يقدم رؤية السنغال لتعزيز تعبئة الموارد الوطنية في المؤتمر الدولي بإسبانيا
تحرير: رضى الغزالشارك رئيس السنغال باسيرو ديوماي فاي في افتتاح أعمال المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية، الذي عقد في... التعاون الاقليمي والدولي -
تداخل النزاعات والمناخ في القرن الأفريقي يفاقم أزمة النزوح
تحرير: صفاء فتحيتشهد منطقة القرن الأفريقي تصاعدا غير مسبوق في الأزمات الإنسانية، إذ تتداخل النزاعات المسلحة مع التغيرات المناخية في مشهد... القرن الإفريقي -
الرئيس الجيبوتي يؤكد التزام بلاده في تعزيز جهود إيغاد لحل الأزمة السودانية
تحرير: صفاء فتحيأكد الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، بصفته رئيس الدورة الحالية لمنظمة إيغاد، التزام بلاده الكامل بدعم جهود المصالحة... القرن الإفريقي -
موسيفيني يترشح لولاية جديدة بعد أربعين عاما في الحكم بأوغندا
تحرير: صفاء فتحيأعلن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، البالغ من العمر 80 عاما، عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في يناير 2026،... سياسة