فلسفة الدولة والمجتمع المدني عند “هيجل”
تحرير: عبد الواحد حرايتي
يقول هيجل :”ان بومة مينيرفا لا تبدأ في الطيران إلا بعد أن يرخي الليل سدوله .” ،عرفت الفلسفة السياسية عند هيجل تأسيسا عقلانيا بالرغم من مثاليته ،بغية الخروج من الظلام والطغيان والفوضى ، ونقصد هنا لحظة فارقة هي حياة فيلسوفنا خصوصا عندما التحق بمدينة “بيرن ” سنة 1773 ،ليعمل فيها مدرسا خصوصيا في بيوت الارستقراطيين ويعود لعائلة ” ال شتايجر ” ، وقد صدم هيجل لما وجده في هذه المدينة ، وخاصة من ظلم ورجعية وجرائم ، فضلا عن حكم استبدادي تسلطي ، فوجد هيجل في كتاب “جان جاك كارت” الذي نشر في باريس سنة 1793 الفرصة المواتية لفهم وتشريح الواقع السياسي الألماني من وجهة نظر قانونية ، وعكست هذه المحاولة أفكار عصر الأنوار وفلسفته العقلانية والسياسية ، وكان عمر هيجل آنذاك 23 سنة ، وكانت أول البواكير في التفكير السياسي الواقعي بالنسبة إليه ، وكان تحت عنوان ” دراسة للرجعية السويسرية ” ثم بعد مغادرة “بيرن ” إلى ” فرانكفورت ” كتب هيجل مقالا سياسيا ثانيا حول الرجعية ، لكن هذه المرة تحت عنوان الرجعية السياسية في ألمانيا وتحديدا في مقاطعة ” فورتمبرج ” ،وهي مسقط رأس هيجل وعاصمتها “شتوتجارت” . لكن ما يهمنا هنا تحديدا في هذا المقال هو الدراسة الثالثة في مقالة شهيرة تحت عنوان “دستور ألمانيا ” وهنا يقوم هيجل بالوصف والتشريح لحالة التمزق التي كانت تعاني منها الامة الجرمانية في عصره ،فالإمبراطورية الألمانية تجزأت إلى دويلات صغيرة ، بغير قانون موحد ولا دستور واحد ، ولا مجلس نيابي قادر على سن التشريعات المختلفة أو عملة واحدة . ويظهر الحزن والأسى على هيجل وهو يصف حالة ألمانيا ، بحيث لم تعد هذه الأخيرة دولة ، ولهذا سقطت مترنحة تحت أقدام الغزاة الفرنسيين ، فعندما طرقوا الباب طرقات خفيفة انفتح على مصراعيه ، ولم يعد الألمان يدافعون عن ألمانيا إلا بالخطب والكلمات ، والعبارات الرنانة ، فطرح هيجل السؤال التالي : كيف يمكن إعادة توحيد ألمانيا ؟
هنا يبدي هيجل إعجابه ” بمكيافيلي ” ويتنبأ بقدوم بسمارك ، ولهذا يذهب بعض مؤرخو الفكر السياسي إلى أن هيجل كان يتمنى أن يصبح ” ميكيافيلي عصره” .
1 فلسفة هيجل السياسية :
لقد تعرضت فلسفت هيجل السياسية لهجمات وانتقادات عنيفة ، على سبيل المثال لا الحصر، بأنها كانت تستهدف أساسا خدمة ” فريديريك فلهلم ” ملك بروسيا ، وتدعيم نظامه السياسي القائم في بروسيا آنذاك ، فذهب الفيلسوف الألماني المتعصب “فريز ” الذي عاصر “هيجل ” إلى القول بان ” فلسفة الحق ” وهو الكتاب الرئيسي عند هيجل في الفلسفة السياسية يقول عنه :” كتاب ترعرع لا في حديقة العلم ، وإنما في قمامة الذل والخنوع “. وذهب فيلسوف التشاؤم ” شوبنهاور ” إلى القول بان “هيجل” دجال ومشعوذ أما “كارل بوبر” فقد خص فصلا كاملا لمهاجمة “هيجل ” في كتابه ” المجتمع المفتوح وأعداؤه ” فقد اعتبر الفلسفة الهيجلية كارثة على البشرية ووصف منهجها الجدلي بأنه :” منهج مشعوذ يستخرج أرانب من قبعة الميتافيزيقا ” . وربما الانتقادات والهجمات العنيفة هي التي دعت الفيلسوف ” بوسانكت” أن يقول على كتاب ” فلسفة الحق ” بأنه :” كتاب ربما يكون قد أسيء فهمه ، أكثر بكثير مما أسيء فهم أي كتاب أخر من كتب الفلاسفة السياسيين العظام إذا استثنينا جمهورية أفلاطون “.
قبل البدء لابد من تحديد معنى مفهوم المذهب المثالي idealism مشتق لغويا من كلمة ideaأي الفكرة وليس من كلمة ideal مثالي كما يظن العديد من الدارسين ، فهو مذهب يرتكز حتى من اشتقاقه اللغوي ذاته على الفكر ، أو هو المذهب الذي يجعل الفكر او العقل او الروح أساسا له . فالفكر هو المبدأ وكل ما في الكون حديث عنه وخبر ، وبهذا وجب أن كل حقيقة لابد أن تكون فكرا ، وما ليس فكرا ليس حقيقة ، وبمعنى دقيق ليس حقيقة نهائية ، يقول هيجل شارحا هذه الفكرة في عبارة دالة :” أساس المذهب المثالي هو القضية القائلة بان المتناهي ذو طبيعة مثالية ، فالمذهب المثالي في الفلسفة لا يعتمد على شيء أخر سوى اعتماده على القول بان المتناهي ليس له وجود حقيقي ، وكل فلسفة هي بالضرورة فلسفة مثالية ، أو أنها على الأقل تتخذ من المثالية مبدأ لها 1.” يقول “هيجل” شارحا فكرة الصيرورة الجدلية :” إن المتناهي يلغي نفسه ، ولاياتي ذلك من الخارج فحسب ، بل إن طبيعته نفسها هي التي تتسبب في إلغاءه فهو بنشاطه الخاص ينقلب ضده .2″. وهكذا يتناقض “هيجل” مع الفلسفات المادية أو التجريبية لكونها تعطي للوقائع الخارجية المتناهية قيمة نهائية وسلطانا مطلقا وتعتبرها الحقيقة الكاملة ،والمرجع الأخير ، كما يشاع في كثير من الأحيان ، فإنها لا تكون في نظر “هيجل” فلسفة أصيلة بل لا تستحق حتى اسم فلسفة على الإطلاق ، ويضيف هربرت ماركيوز تفسيرا هاما حول هذه الإشكالية بقوله :” ذلك إن لوك ، وهيوم ، وغيرهما من التجريبيين قد حصروا الناس في حدود ما هو “معطى” ، اعني في حدود النظام القائم للأشياء والحوادث ، وأصبح من العسير تجاوز هذا النظام . “.
-
وزير الداخلية التونسي في قمة لندن: “مواجهة الهجرة غير النظامية مسؤولية جماعية تتخطى قدرات الدول منفردة”
تحرير : أفريكا آي ( مع وأت) أكد وزير الداخلية التونسي، خالد النوري، خلال مشاركته أمس الإثنين في قمة "أمن الحدود:... التعاون الاقليمي والدولي -
تونس تحصل على هبة ألمانية لمواجهة التغيرات المناخية
أفريكا أي وقعت تونس وألمانيا، أمس الجمعة، اتفاقية تمويل بقيمة 14.5 مليون يورو في شكل هبة لدعم جهود حماية الشريط الساحلي... شمال أفريقيا -
مصر تستضيف كأس أمم إفريقيا تحت 20 عاما بدلا من كوت ديفوار
تحرير: صفاء فتحي أعلن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF) عن تغيير مفاجئ في مكان إقامة كأس أمم إفريقيا تحت 20 عاما،... شمال أفريقيا -
وزير الخارجية المغربي يلتقي نظيره الموريتاني بالرباط
أفريكا أي استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، نظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، أمس الخميس... شمال أفريقيا -
قيس سعيّد يشدد على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها
تحرير: زينب العسري استقبل رئيس الجمهورية التونسية، قيس سعيّد، أمس الإثنين رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، بقصر قرطاج، وقد... شمال أفريقيا -
تونس: تغييرات حكومية جديدة وسط تحديات اقتصادية وسياسية مستمرة
أقال الرئيس التونسي قيس سعيد رئيس الوزراء كمال المدوري، ليصبح ثالث رئيس حكومة يتم تغييره في أقل من عامين، في... سياسة