خير الدين التونسي: الحرية كمفتاح للنهضة
تحرير: ماهر الرفاعي
يعد خير الدين التونسي أحد أبرز المفكرين الإصلاحيين في القرن التاسع عشر، حيث انشغل بتشخيص عوامل تأخر المجتمعات الإسلامية، وسعى إلى تقديم حلول مستوحاة من التجربة الأوروبية دون الإخلال بالهوية الإسلامية. كان يؤمن بأن التقدم الحضاري لا يتحقق إلا بترسيخ مبادئ الحرية، معتبرا أن “الحرية هي منشأ سعة نطاق العرفان والتمدن بالممالك الأوروبية”، وهي القاعدة التي مكنت تلك الدول من بلوغ مستويات عالية من التطور السياسي والاقتصادي والفكري.
ولِد خير الدين التونسي في القوقاز حوالي عام 1820، لكنه نقل إلى تونس إثر أسره في طفولته، حيث تلقى تعليما مكثفا في العلوم الشرعية والإدارية، مما أهّله للعب دور محوري في إصلاح الدولة التونسية. تأثّر بزياراته إلى أوروبا، حيث لاحظ أن التقدم الأوروبي لم يكن مجرد نتاج للتطور التقني، بل كان نتيجة مباشرة لأنظمة سياسية قائمة على الحرية، وسيادة القانون، وفصل السلطات، هذا الإدراك دفعه إلى محاولة نقل بعض هذه المفاهيم إلى العالم الإسلامي، في سياق يحافظ على القيم الإسلامية ويستوعب ضرورات التحديث.
عندما تولى منصب الوزير الأكبر في تونس (1873-1877)، سعى إلى تطبيق إصلاحات إدارية ومالية تهدف إلى الحد من الفساد وتعزيز الحكم الرشيد، كما كان من دعاة التعليم العصري وإصلاح الجيش والإدارة. غير أن مشروعه الإصلاحي واجه مقاومة داخلية من القوى التقليدية، فضلا عن التدخلات الأجنبية التي حالت دون تحقيق رؤيته بالكامل، مما أدى إلى استقالته. لاحقا، التحق بالدولة العثمانية حيث عين صدرا أعظم عام 1878، لكنه سرعان ما أدرك صعوبة تنفيذ الإصلاحات في ظل نظام مركزي يعارض أي تغيير جوهري، فاختار الانسحاب من العمل السياسي والتفرغ للكتابة.
في مؤلّفه أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، عرض خير الدين التونسي مشروعه الإصلاحي بأسلوب تحليلي مقارن، مؤكدًا أن “ليس للإنسان وسيلة أنجع من الحرية في دفع المفاسد واجتلاب المصالح”. واعتبر أن انغلاق المجتمعات الإسلامية وغياب المؤسسات الضامنة للحريات كانا من الأسباب الرئيسية في تأخرها، مشدداً على أن الإصلاح لا يكون ناجعا إلا إذا ارتكز على حرية التفكير والتعبير، وتحديث نظم الحكم بما يضمن المشاركة السياسية العادلة.
على الرغم من أن جهوده الإصلاحية لم تثمر تغييرات جذرية في زمانه، إلا أن أطروحاته تظل حاضرة في النقاشات الفكرية حول التحديث في العالم العربي والإسلامي، فقد قدم رؤية إصلاحية متوازنة، تدعو إلى الاستفادة من التجربة الأوروبية دون الوقوع في فخ التقليد الأعمى، وهو ما يجعل فكره مرجعا أساسيا في دراسة مسارات النهضة والتحديث في المجتمعات الإسلامية.
-
طقوس الجنازات الاحتفالية في غانا عادة أفريقية تكرم الموت بالحياة
تحرير: رضى الغزالتشتهر غانا بواحدة من أغرب وأعمق الطقوس الاجتماعية في إفريقيا، إذ تحولت مراسم تشييع الموتى إلى احتفالات شعبية... مجتمع -
أثينا توقف مؤقتا طلبات لجوء مهاجري شمال أفريقيا وسط جدل حقوقي
تحرير: عمر قادرصوت البرلمان اليوناني بأغلبية 177 صوتا مقابل 74 على مشروع قانون يقضي بتعليق معالجة طلبات اللجوء المقدمة من... شمال أفريقيا -
فرس النهر خطر كامن !
[gallery ids="10435"]فرس النهر يبدو كحيوان مسالم.. لكنه قاتل صامت، يودي بحياة المئات سنويا، ويواجه بنفسه خطر الانقراض. إنفوجرافيك -
اللغات المحلية المهددة بالانقراض في جمهورية إفريقيا الوسطى
تحرير: ماهر الرفاعيتواجه اللغات المحلية في جمهورية إفريقيا الوسطى تهديدا متزايدا بالانقراض، نتيجة لتداخل عوامل اجتماعية، سياسية، واقتصادية أثرت بشكل... ثقافة -
استراتيجية ترامب ومصالح موريتانيا
محمد زاويربما تَفاجأ البعض بالدعوة التي وجهها دونالد ترامب لموريتانيا، رفقة أربع دول إفريقية أخرى هي غينيا بيساو وليبيريا والغابون... إقتصاد -
الاتحاد الأوروبي يدرج الجزائر في القائمة السوداء لمخاطر تمويل الإرهاب وتبييض الأموال
تحرير: رضى الغزالأدرج الاتحاد الأوروبي الجزائر رسميا ضمن قائمة الدول عالية الخطورة في مجال تبييض الأموال وتمويل الأنشطة الإرهابية، استنادا... مكافحة التطرف والإرهاب