إيران في مواجهة العاصفة: سقوط الأسد وإرهاصات الانهيار القادم
تحرير : وداد وهبي
تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات كبرى ترسم ملامح مرحلة جديدة، حيث شكّل سقوط نظام بشار الأسد نقطة تحوّل استراتيجية ذات تداعيات عميقة على إيران، كونها الحليف الأبرز للنظام السوري. لم يكن هذا الحدث مجرد انتكاسة جيوسياسية، بل قد يكون الشرارة التي تسرّع انهيار النظام الإيراني، الذي طالما استند إلى نفوذه الإقليمي كدعامة لبقائه. ومع تفكك شبكة تحالفاته، تجد طهران نفسها أمام خطر داهم يهدد ليس فقط طموحاتها التوسعية، بل بقاءها السياسي ذاته.
على مدى عقود، عملت الجمهورية الإسلامية على ترسيخ نفوذها في المشرق العربي عبر بناء منظومة من الحلفاء والميليشيات الموالية، كان أبرزها حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، والمجموعات المسلحة في سوريا واليمن. إلا أن سوريا كانت تمثل الحلقة الأهم في هذه السلسلة، حيث أتاحت لطهران طريقًا استراتيجيًا يربطها بالبحر المتوسط ويعزز تواصلها اللوجستي مع حلفائها.
لكن مع سقوط الأسد، يتهاوى هذا الجسر الحيوي، تاركًا إيران في مواجهة فراغ استراتيجي غير مسبوق. فحزب الله، الذي يعتمد بشكل أساسي على الدعم السوري، يجد نفسه الآن في عزلة متزايدة، بينما تتراجع قدرة إيران على فرض نفوذها الإقليمي، وسط تصاعد الضغوط الدولية وتزايد النقمة الداخلية على سياساتها.
في قلب طهران، يثير سقوط الأسد حالة من الذعر بين أركان النظام. فالأسئلة المطروحة لم تعد تتعلق بكيفية تعويض الخسارة في سوريا، بل بمدى قدرة النظام الإيراني نفسه على الصمود في وجه الأزمات المتفاقمة. فإذا كان الأسد قد فشل في البقاء، رغم الدعم الهائل من طهران وموسكو، فما الذي يضمن أن لا تلقى الجمهورية الإسلامية نفس المصير؟
يتكرر السيناريو السوري في إيران بملامح مختلفة ولكن بجوهر مشابه: اقتصاد يعاني من الانهيار، فساد ينخر مؤسسات الدولة، مجتمع يعيش حالة احتقان متصاعدة، ونظام ديني يزداد انفصالًا عن الواقع. الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت مرارًا خلال السنوات الأخيرة كشفت هشاشة قبضة النظام، وأكدت أن القمع وحده لم يعد كافيًا لاحتواء الغضب الشعبي.
داخل أروقة السلطة الإيرانية، يدور صراع بين تيارين متعارضين: الأول يرى أن الحل يكمن في تصعيد القمع وفرض القبضة الحديدية لمنع أي تحرك داخلي قد يؤدي إلى تكرار السيناريو السوري، بينما يدعو التيار الآخر إلى استيعاب الغضب الشعبي وإجراء إصلاحات تجنّب النظام مصيرًا مماثلًا. غير أن التجارب أثبتت أن الأنظمة التي تعيش على قمع شعوبها، عاجلًا أم آجلًا، تصل إلى نقطة اللاعودة.
المشهد الإيراني اليوم يشبه إلى حد كبير ما كان عليه الوضع في دمشق قبل انهيارها: خطاب سياسي منفصل عن معاناة المواطنين، سياسات خارجية ترهق البلاد اقتصاديًا دون تحقيق مكاسب ملموسة، وشعب فقد الثقة في قدرة النظام على تقديم أي حلول. في ظل هذه المعطيات، يبدو أن سقوط الأسد لم يكن مجرد نهاية لحكم فردي، بل بداية انهيار تدريجي لمنظومة كاملة، تقف إيران في قلبها.
مع إعادة رسم خارطة النفوذ في الشرق الأوسط، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن إيران من تفادي السقوط عبر إعادة النظر في سياساتها، أم أننا نشهد فعليًا العدّ التنازلي لنهاية حقبة الملالي؟ الأكيد أن قطع الدومينو بدأت تتهاوى، وقد يكون النظام الإيراني الحلقة التالية في هذا الانهيار المتسارع.
-
جزيرة غوري في السنغال: “بوابة اللاعودة” وذاكرة الألم الإفريقي
تحرير: صفاء فتحيجسدت جزيرة غوري، الواقعة قبالة سواحل دكار في السنغال، رمزا مروعا لأحد أكثر الفصول ظلمة في تاريخ الإنسانية، حين... اخترنا لكم -
إثيوبيا: جذور الاسم ودلالات العلم في قلب التاريخ الإفريقي
تحرير: رضى الغزالتعد إثيوبيا واحدة من أقدم الدول في العالم وأكثرها حضورا في الذاكرة الإنسانية، فهي تجمع بين تاريخ ضارب... اخترنا لكم -
إسواتيني بين إرث الملكية وتطلعات الإصلاح
تحرير: صفاء فتحييرسم بلد إسواتيني ملامح تجربة سياسية واجتماعية فريدة في إفريقيا، إذ يواصل التمسك بنظام ملكي مطلق وسط تحولات... اخترنا لكم -
الرسوم الأمريكية تهدد استقرار المزارعين البيض في جنوب أفريقيا
تحرير: ماهر الرفاعيوجد المزارعون البيض في جنوب أفريقيا أنفسهم في قلب أزمة اقتصادية حادة، بعدما فقدوا جزء مهما من قدرتهم... متداول -
الولايات المتحدة تفرض قيود تأشيرات على رئيس كوبا عقب احتجاجات 2021
تحرير: عمر قادرفرضت الولايات المتحدة قيودا جديدة على منح تأشيرات الدخول لعدد من كبار المسؤولين الكوبيين، بينهم الرئيس ميغيل دياز... متداول -
تقييد جديد لتأشيرات السفر الأمريكية يطال النيجيريين
تحرير: ماهر الرفاعيأصدرت السفارة الأمريكية في لاغوس قرارا جديدا يقيد حصول النيجيريين على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة، حيث أصبح... متداول