القاعدة الروسية في السودان: بوابة نفوذ أم شرارة صراع دولي؟

تحرير : حياة الشاهد

تواصل روسيا تعزيز حضورها في القارة الإفريقية، حيث وجدت في السنوات الأخيرة أرضًا خصبة لتوسيع نفوذها الاستراتيجي، خاصة من خلال التحالفات العسكرية مع عدد من الدول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو. غير أن تحركها نحو السودان يحمل أبعادًا أعمق، بالنظر إلى موقعه الجغرافي الحيوي على ساحل البحر الأحمر، ما يجعل منه نقطة ارتكاز مثالية لترسيخ التواجد الروسي في شرق إفريقيا.

وفي هذا السياق، تعود إلى الواجهة مساعي موسكو لإقامة قاعدة عسكرية في “بورتسودان”، وهي خطوة تكشف عن رغبة واضحة في تأمين منفذ دائم على البحر الأحمر وتعزيز مصالحها في منطقة تعاني من هشاشة أمنية وصراع داخلي محتدم. هذا الاتفاق، الذي أُعيد إحياؤه وسط الحرب السودانية، يبدو أنه يحظى بدعم الجيش السوداني، الذي يرى فيه فرصة للحصول على دعم عسكري نوعي في مواجهته المفتوحة ضد قوات الدعم السريع.

إلا أن هذا التقارب الروسي السوداني لا يخلو من حسابات معقدة وتحديات محتملة. فمن جهة، يُنظر إلى الاتفاق كعامل قد يُطيل أمد الحرب، خاصة أنه يعكس توجهاً نحو الحسم العسكري لا التسوية السياسية. ويرى مراقبون أن هذا النهج قد يُدخل السودان في مرحلة جديدة من تدويل النزاع، ويزيد من انخراط القوى الخارجية الساعية لتحقيق مصالحها على حساب أمن واستقرار البلاد.

من جهة أخرى، أثار التحرك الروسي ردود فعل قوية في الأوساط الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي اعتبرت هذا الاتفاق تهديدًا مباشرًا لمصالحها في المنطقة. فمع انسحاب قوى غربية مثل فرنسا من بعض الدول الإفريقية بعد موجة الانقلابات، يبدو أن روسيا تملأ الفراغ بسرعة، ما يفتح الباب أمام مواجهة مفتوحة بين موسكو وواشنطن على الساحة الإفريقية. التحذير الصريح الذي صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية يعكس هذا القلق، حيث رأت أن المضي قدمًا في تنفيذ الاتفاق قد يؤدي إلى ازدياد عزلة السودان، ويُعمّق النزاع، ويزعزع الاستقرار في منطقة شديدة الحساسية.

وسط هذا المشهد المعقد، يبقى السؤال المطروح: هل يمهد التعاون العسكري بين الخرطوم وموسكو لمرحلة جديدة من التوازنات الإقليمية، أم أنه يفتح الباب أمام موجة تصعيد تُدخل السودان والمنطقة في دوامة جديدة من الصراع؟

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض