مالي تُراهن على الليثيوم: بوقوني في طريق التحول إلى مركز إقليمي للمعادن الاستراتيجية

تحرير : وداد وهبي

أقر مجلس الوزراء في مالي قرارًا استراتيجيًا  الأربعاء الماضي يقضي بنقل رخصة استخراج رواسب الليثيوم من حقل فولابولا إلى شركة تشغيل ماليّة متخصصة تُدعى “مناجم الليثيوم ببوقوني – ش.أ”. ويعد هذا التحول خطوة فارقة في إدارة أحد المعادن الأكثر تنافسية في القرن الحادي والعشرين، إذ يُعتبر الليثيوم حجر الأساس في تصنيع البطاريات للسيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة المتجددة.

يأتي هذا القرار في إطار عملية مستمرة بدأَت منذ عام 2021، بعد أن كشفت بيانات جيولوجية عن وجود رواسب من سبودومين تصل إلى 21.31 مليون طن بنسبة أكسيد ليثيوم تبلغ 1.11%، وهو معدل يُعد تجاريًا جذابًا لمعرفة إمكانية استغلال الحقل على مدار عقدٍ من الزمن في مناجم مفتوحة.

 يُمثل نقل الرخصة إلى كيان مالي محلي تحولًا نوعيًا في استراتيجية الدولة، إذ يمهد الطريق لتعزيز السيادة على الموارد الطبيعية والحد من التبعية للعمليات الاستخراجية التي كانت تدار سابقًا من قبل شركات أجنبية. وفي هذا السياق، أصبح بإمكان مالي اليوم أن تُعيد صياغة نموذجها الاقتصادي بما يضمن مشاركة أكبر في سلسلة القيمة العالمية للمعادن الاستراتيجية.

كما يُعتبر هذا القرار استمرارًا لجهود تطبيق القانون المعدَّل للمناجم المالي الذي اعتمد في عام 2023، والذي يمكّن الدولة من زيادة حصتها في المشاريع الاستخراجية حتى 35% من رأس المال، مما يضمن استفادة وطنية أوسع من العائدات الاقتصادية المرتبطة بهذه القطاعات.

ويُلاحَظ أن حقل فولابولا، الكائن في منطقة بوقوني، لا يمثل مجرد مصدر لليثيوم فحسب، بل يُمكن أن يُصبح محركًا اقتصاديًا جديدًا في جنوب مالي. إذ تمتلك مالي أيضًا احتياطيات مهمة من الذهب والبكسيت والفوسفات، ويتطلع المستثمرون إلى صعود مالي كلاعب رئيسي في أسواق الليثيوم العالمية التي تُهيمن عليها دول مثل أستراليا، شيلي والصين.

بهذا القرار الاستراتيجي، لا تسعى مالي فقط إلى تحقيق الاستقلالية الاقتصادية في مجال الطاقة والمعادن، بل تُعيد أيضًا تعريف مكانتها الإقليمية والدولية كدولة غنية بالموارد الطبيعية، قادرة على تحويل مواردها إلى أدوات قوة تنمي الاقتصاد وتدعم التنمية المستدامة.