المعادن مقابل الأمن: اتفاق غامض يعيد إريك برنس إلى قلب الكونغو

تحرير: صفاء فتحي

عاد اسم إريك برنس، مؤسس شركة “بلاك ووتر”، إلى الواجهة مجددا بعد توقيعه اتفاقا جديدا مع حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية، يهدف إلى تأمين الاحتياطيات المعدنية الهائلة للبلاد وتحقيق إيرادات مالية منها. وتركز الاتفاقية على تعزيز جباية الضرائب ومكافحة التهريب، لا سيما في المناطق الجنوبية الغنية بالنحاس والكوبالت، بينما يتجنب مستشاروه التوغل في إقليم كيفو الشرقي المضطرب بسبب النزاع مع متمردي حركة 23 مارس.

ويأتي هذا الاتفاق في إطار مفاوضات أوسع بين كينشاسا وواشنطن حول مبادرة “المعادن مقابل الأمن”، رغم أن الولايات المتحدة لم توضح بعد طبيعة دورها العملي على الأرض. ورغم أن مهام برنس المعلنة تقتصر على تقديم خدمات لوجستية ودعم في مجالات التحصيل الضريبي، إلا أن تاريخه الطويل في تنفيذ العمليات العسكرية يثير الكثير من التساؤلات بشأن الدور الفعلي الذي قد يؤديه، لا سيما في المناطق الهشة أمنيا.

تشمل المرحلة الأولى من الاتفاق نشر مستشارين وخبراء لتأمين المناجم وتحسين نظام الجباية، مع إمكانية توسيع المهام لاحقًا في حال تحقيق نتائج ملموسة. لكن تفاصيل عدد المستشارين ومواقع انتشارهم لا تزال قيد التحفظ.

وليست هذه المرة الأولى التي يسعى فيها برنس إلى التمركز في الكونغو الديمقراطية، إذ سبق أن حاول منذ عام 2015، عبر عدد من شركاته، دخول مجالات التعدين والخدمات اللوجستية. وفي عام 2023، وجّهت إليه الأمم المتحدة اتهامات بمحاولة إرسال آلاف المرتزقة من أمريكا اللاتينية إلى شمال كيفو لحماية المناجم، وهي خطة لم تُنفذ لكنها أثارت القلق بشأن انتهاك حظر الأسلحة وشبهات الفساد.

اكتسب برنس سمعة مثيرة للجدل منذ تأسيسه شركة “بلاك ووتر” عام 1997، التي تحوّلت إلى أكبر شركة أمنية خاصة أمريكية. واشتهرت عالميًا بعد مذبحة ساحة النسور في بغداد عام 2007، حيث قُتل 17 مدنيًا على يد موظفي الشركة، ما أثار موجة انتقادات واسعة. ورغم إدانة بعض العناصر، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عفوًا عنهم في عام 2020. وبعد بيع “بلاك ووتر” عام 2010، انتقل برنس إلى الإمارات، حيث ساعد في تأسيس قوة أمنية من المرتزقة وأطلق شركة جديدة تُعرف باسم “ريفلكس ريسبونسز”.

وفي عام 2014، أسس مجموعة “فرونتير سيرفيسز غروب” (FSG) بدعم من مستثمرين صينيين، وركّزت أنشطتها في إفريقيا على حماية وتأمين المصالح الاقتصادية الصينية، بما في ذلك في الكونغو الديمقراطية. غير أن الولايات المتحدة فرضت في عام 2023 عقوبات على المجموعة بتهمة تدريب طيارين عسكريين صينيين، وهي تهم نفتها الشركة بشكل قاطع.

ورغم العقوبات، ظل برنس فاعلا في القارة الإفريقية، مركزًا اهتمامه على الصناعات الاستخراجية في البيئات الهشة، ما يعكس اعتمادًا متزايدًا على الفاعلين من القطاع الخاص للقيام بمهام الدولة في دول تعاني من ضعف المؤسسات.

وتشير تقارير أممية سابقة إلى عرض تقدم به برنس لنشر أكثر من ألفي مرتزق من كولومبيا والمكسيك والأرجنتين في إقليم شمال كيفو بهدف حماية المناجم والتصدي للمتمردين، بوساطة إماراتية، إلا أن الخطة لم تصل إلى اتفاق رسمي. كما طرح لاحقًا مقترحات لنشر قوات أمن خاصة في شرق البلاد خلال مفاوضاته مع الحكومة، لكنها لم تفضِ إلى عقد نهائي.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض