الأفريكانرز: بين دعم ترامب والانتقادات الدولية لسياسات اللجوء

تحرير: صفاء فتحي

بدأت السلطات الأمريكية بإجراء مقابلات مع مواطنين بيض من جنوب أفريقيا تقدموا بطلبات لجوء إلى الولايات المتحدة، بدعوى تعرضهم للاضطهاد بسبب نزاعات الأراضي، وارتفاع معدلات الجريمة، والتمييز العرقي.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تشدد فيه واشنطن قيودها على استقبال اللاجئين من دول أخرى، ما يثير تساؤلات واسعة حول معايير الانتقاء المعتمدة.

وأجرت السفارة الأمريكية في بريتوريا مقابلات مع عدد من المتقدمين، وسط إشادات بحسن الاستقبال والإنصات الجاد من قبل الطاقم الدبلوماسي، وأفادت مصادر إعلامية بأن السلطات وافقت حتى الآن على أكثر من ثلاثين طلب لجوء، فيما أكد أحد المزارعين الذين خضعوا للمقابلات أن المعاملة اتسمت بالاحترام والاهتمام، مفضلا عدم الكشف عن هويته حفاظا على سرية الإجراءات.

ورغم تصاعد الجدل، امتنعت السفارة الأمريكية عن الإدلاء بأي تصريحات بشأن عدد المتقدمين أو تفاصيل الملفات المقبولة.
وينظر إلى هذا التحرك باعتباره تنفيذا لأمر رئاسي أصدره الرئيس دونالد ترامب مطلع فبراير الماضي، دعا فيه إلى استقبال لاجئين من “الأفريكانرز”، وهم أحفاد المستوطنين الهولنديين في جنوب أفريقيا، باعتبارهم “ضحايا تمييز عنصري غير عادل”.

وقد أثار قرار ترامب موجة واسعة من الانتقادات، خصوصا مع تعليق استقبال لاجئين من دول أخرى لدواع أمنية واقتصادية، ما أدى إلى حرمان آلاف اللاجئين من أفغانستان والكونغو من فرصة الدخول، رغم اجتيازهم جميع مراحل التحقق الأمني. وفي موقف يعكس تحفظ المجتمع الدولي، امتنعت منظمة الأمم المتحدة للهجرة عن دعم جهود الإدارة الأمريكية في عمليات إعادة التوطين.

في خضم الجدل القائم، يواصل مئات المتقدمين إجراءات طلب اللجوء، مستندين إلى روايات تفيد بتعرضهم لهجمات عنيفة في مزارعهم وفقدانهم وظائفهم نتيجة تطبيق سياسات “التمكين الاقتصادي للسود”، التي تهدف إلى معالجة إرث التمييز العنصري في البلاد. وبينما تشير بيانات الشرطة إلى أن الجرائم المرتبطة بالمزارع تشكل نسبة محدودة من إجمالي معدلات الجريمة، يصر المتقدمون على أنهم مستهدفون على أساس عرقي.

وقد انقسمت مواقف المسؤولين داخل إدارة ترامب بين مؤيدين للمبادرة ومعارضين يرون أن هذه الحالات لا تستوفي التعريف القانوني للاضطهاد، مما أفرز حالة من الاستياء الصامت داخل وزارة الأمن الداخلي. وعلى المستوى الأكاديمي، اعتبرت باحثة في شؤون التنوع أن فكرة “الضحية البيضاء” تقوم على تضخيم معاناة البيض مقارنة بغيرهم، بينما رأت ناشطات بيض أنهن يعشن في شعور دائم بالاستهداف بسبب لون بشرتهن.

ويشكل الأفريكانرز نحو 60% من الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا، التي تمثل 7.2% فقط من إجمالي السكان البالغ عددهم 63 مليون نسمة. وعلى الرغم من مرور عقود على إنهاء نظام التمييز العنصري، لا تزال الأغلبية السوداء تواجه معدلات بطالة مرتفعة ومستويات منخفضة من امتلاك الثروة. في المقابل، يظل ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية الخاصة تحت سيطرة الأقلية البيضاء دون تنفيذ فعلي لأي عملية مصادرة.

وبحسب غرفة التجارة الأمريكية في جنوب أفريقيا، أبدى أكثر من 67 ألف شخص رغبتهم في الاستفادة من مبادرة ترامب. في حين تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عدد اللاجئين الجنوب أفريقيين في الولايات المتحدة حتى عام 2024 لم يتجاوز 70 شخصا، إضافة إلى 2043 طالب لجوء.

وبعد صدور القرار الرئاسي، بدأ مئات المتقدمين بتشكيل مجموعات على تطبيق “واتساب” لتنسيق جهودهم، وتبادل المعلومات الخاصة بتقديم طلبات اللجوء، بل وصل الأمر إلى مناقشة إمكانية استئجار طائرات خاصة لنقل حيواناتهم الأليفة إلى الولايات المتحدة.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض