جنوب إفريقيا: استئناف محاكمة زوما و”تاليس” في واحدة من أعقد قضايا الفساد السياسي

تحرير : وداد وهبي

عادت مؤخرا إلى الواجهة واحدة من أكثر قضايا الفساد تعقيدا وإثارة للجدل في تاريخ جنوب إفريقيا، مع استئناف محاكمة الرئيس السابق جاكوب زوما وشركة الصناعات الدفاعية الفرنسية “تاليس” أمام المحكمة العليا في بيترماريتسبورغ، الواقعة على بعد نحو 530 كلم من العاصمة بريتوريا.

ويحاكم الطرفان بتهم خطيرة تشمل الفساد، والاحتيال، والابتزاز، وتبييض الأموال، على خلفية صفقة تسليح ضخمة أبرمتها الحكومة الجنوب إفريقية سنة 1999، بلغت قيمتها مليارات الراند، ويشتبه في أنها كانت مشوبة بعمليات رشوة وتواطؤ ممنهج.

وكانت هيئة الدفاع قد قدمت طلبا لإسقاط التهم، مستندة إلى ما وصفته بـ”تأخيرات غير مبررة” تسببت في وفاة شهود رئيسيين، ما قد يخل بمبدأ المحاكمة العادلة. غير أن القاضي نكوسيناثي تشيلي رفض هذه الدفوع، وقرر المضي قدما في المحاكمة، مؤكدا أن “العدالة لا يجب أن تختزل في تقنيات الإرجاء والمماطلة”.

وبذلك تجد شركة “تاليس” نفسها في موقف حرج، حيث يتوجب عليها مواجهة تهم قد تفضي إلى تداعيات قانونية وتجارية جسيمة، خاصة وأن زوما لطالما عرقل المحاكمة بسلسلة من الطعون القانونية الفاشلة، ما ساهم في إطالة أمد الإجراءات وتضاؤل ثقة الرأي العام.

وتعد هذه القضية اختبارا حاسما لهيبة القضاء الجنوب إفريقي، ومدى قدرته على مواجهة الفساد مهما علا شأن المتورطين، وتأكيدا على أن الإفلات من العقاب لم يعد خيارا متاحا في ديمقراطيات ما بعد التحول.