رحلة الحجاج الأفارقة إلى مكة بين عبق التاريخ وتحديات الحاضر

تحرير: سلمى كرماس

يشكّل الحج إلى مكة المكرمة تجربة استثنائية للمسلمين في أفريقيا، امتدت جذورها عبر قرون طويلة، جسّد خلالها الحجاج أسمى معاني الإيمان والتضحية. لم تكن المسافات الشاسعة ولا وعورة الطرق عائقًا أمام انطلاق القوافل من عمق القارة، حيث عبرت طرقا شهيرة كـ”درب الأربعين”، الذي ربط غرب أفريقيا بالحجاز، مرورا بصحراء قاسية ومناطق معزولة محفوفة بالمخاطر.

مخاطر الطريق لم تقتصر على المسافات، بل شملت الأوبئة، وقطاع الطرق، والمجاعة، وهي عوامل أودت بحياة الآلاف قبل بلوغهم الأراضي المقدسة. ومع ذلك، تمسّك الحجاج بأداء الفريضة، وترك بعضهم أوطانهم ليستقر في محطات العبور، كما حدث في السودان والحجاز، حيث ظهرت مجتمعات جديدة تشكلت من أبناء الرحلة.

المشهد تغيّر في العصر الحديث. خلال موسم حج 2025، انطلق أول فوج من الحجاج الغينيين من مطار كوناكري في إطار رحلة منظمة، مدعومة جزئيًا من الدولة، ومصحوبة بفرق طبية وإدارية. استخدمت الأساور الإلكترونية لتعزيز سلامة الحجاج، ضمن خطة مشتركة بين الدول الأفريقية والسلطات السعودية لضمان موسم حج آمن ومنضبط.

ورغم التطور التقني وتبدل وسائل النقل، تبقى رحلة الحج بالنسبة للأفارقة أكثر من مجرد تنقّل؛ فهي تجربة روحية تتجاوز المكان، وتجسّد ارتباطًا عميقًا بهوية دينية متجذرة في الذاكرة الجمعية والوجدان.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض