دول أفريقية تتنافس على استضافة مكاتب الأمم المتحدة وسط تحوّل دبلوماسي متصاعد

تحرير: صفاء فتحي

تتسابق كينيا ورواندا وبوتسوانا لإقناع الأمم المتحدة باختيارها كمقر جديد لمكاتبها الإقليمية في أفريقيا، في خطوة تعكس طموحًا دبلوماسيًا متناميًا من دول القارة لتعزيز حضورها داخل النظام المتعدد الأطراف. وقد قدمت الدول الثلاث ملفات رسمية خلال الأشهر الماضية، على أمل نيل ثقة المنظمة الدولية، في إطار توجه جديد يرمي إلى إعادة توزيع تمثيل الأمم المتحدة بشكل أكثر توازنًا بين الدول النامية.

تعوّل كينيا على سجلها الطويل في التعاون مع الهيئات الأممية، حيث تحتضن نيروبي منذ عقود مقرات منظمات محورية مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة و”هابيتات”. وتؤكد الحكومة الكينية أن تعزيز هذا الحضور سيسهم في ترسيخ مكانة نيروبي كمركز دبلوماسي وإقليمي رئيسي في شرق أفريقيا.

في المقابل، تطرح رواندا نفسها كخيار بديل وواعد، مستفيدة من سمعتها الدولية كدولة منظمة وآمنة. وقد تقدّمت كيغالي بعرض يتضمن حوافز ضريبية وتسهيلات لوجستية، مع تأكيدها على ضرورة تجاوز النموذج التقليدي الذي يتركز فيه الوجود الأممي في دول معينة دون غيرها.

أما بوتسوانا، فتقدّم ترشيحها باعتباره فرصة لإبراز نموذجها الديمقراطي واستقرارها السياسي، مؤكدة التزامها بتوفير بيئة شفافة وآمنة لأي مؤسسة دولية ترغب في الانتقال إلى غابورون. ويُنظر إلى ترشيحها كدليل على رغبة متزايدة لدى دول الجنوب في تقاسم أدوار القيادة داخل القارة.

وفي المقابل، تواصل الأمم المتحدة دراسة الملفات المقدمة دون إعلان رسمي عن القائمة المختصرة، بينما تشير معطيات دبلوماسية إلى أن العوامل الحاسمة لن تقتصر على القدرات اللوجستية، بل ستشمل أيضًا توازنات النفوذ الإقليمي والدلالات الجيوسياسية التي ستنطوي عليها هذه الاختيارات.

تعكس هذه التحركات تحوّلًا هادئًا في خارطة النفوذ الدبلوماسي في أفريقيا، حيث تسعى دول مثل رواندا وكينيا إلى توسيع أدوارها داخل النظام الدولي، في وقت تتراجع فيه هيمنة بعض العواصم التقليدية. ولا يُستبعد أن يشكل القرار النهائي للأمم المتحدة خطوة رمزية نحو إعادة صياغة علاقة القارة بالمؤسسات الدولية، على أساس الشراكة لا التبعية.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض