تحقيق دولي يفضح فاغنر: مدنيون يعذبون في صمت خلف أبواب المعسكرات في مالي

تحرير: وداد وهبي

في تحقيق دولي مثير للقلق نشر اليوم عن طريق اتحاد الصحافيين الاستقصائيين Forbidden Stories، كشف النقاب عن ممارسات خطيرة يتهم بها مرتزقة مجموعة “فاغنر” الروسية في مالي، تشمل التعذيب، الاعتقال القسري، والإخفاء القسري داخل ستة معسكرات عسكرية، حيث يحتجز مدنيون بدون محاكمات، في ظروف يشبهها الناجون بالجحيم.

اعتمد التحقيق على شهادات ناجين ومصادر عسكرية مالية وصور أقمار صناعية تؤكد وجود ستة معسكرات – هي بافو، نامبالا، سيفاري، سوفارا، كيدال، ونيفونكي – استخدمت كمراكز احتجاز سرية، حيث يزج بالموقوفين، وغالبيتهم من المدنيين الأبرياء، دون توجيه تهم أو إجراءات قضائية.  يتعرض هؤلاء المعتقلون لصنوف متعددة من الإهانة والعنف، بعضها في حاويات معدنية تابعة للأمم المتحدة، وسط درجات حرارة قاتلة، ونقص فادح في الغذاء والماء، وتحت الضرب المستمر بأدوات حادة وكابلات كهربائية.

وقد روى أحد العاملين في المجال الإنساني تفاصيل مرعبة عن تجربته في أحد تلك المعسكرات، حيث كان يعذب على وقع الموسيقى الروسية في غرف مغلقة، بينما أجبر معتقل آخر على تحمل الضرب المتواصل والتهديد بالإغراق. وقد أفاد عدد من الشهود أن الاعتقالات تنفذها عناصر فاغنر بشكل مباشر، في ظل تغييب شبه كامل لدور الجيش المالي، الذي بات أشبه بقوة ملحقة لا تملك قرارها، كما أكد ضابط مالي في تصريحات دون الكشف عن هويته.

رغم التواصل مع كل من سلطات باماكو وموسكو، بالإضافة إلى ممثلين عن فاغنر، لم يصدر أي تعليق رسمي بشأن ما كشفه التحقيق، مما يعكس حالة من التعتيم المتعمد حول طبيعة العلاقة العسكرية الروسية المالية، والتي لم تعلن بشكل رسمي حتى اليوم. وفي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات المالية عن انسحاب “فاغنر” في ال6 يونيو ، كشفت مصادر عسكرية أن الانسحاب ليس سوى إعادة تموضع، حيث تم استبدال عناصر فاغنر بتشكيل جديد يدعى “فيلق أفريقيا”، تابع لوزارة الدفاع الروسية، يضم في صفوفه بعضا من أفراد فاغنر السابقين، ويؤدي نفس المهام الميدانية دون أي تغيير في السلوك أو الاستراتيجية.

في موازاة هذه التطورات، تواجه مالي تصعيدا واسع النطاق في الهجمات الإرهابية، حيث نفذ تنظيما “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” و”الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” سلسلة من العمليات الدامية ضد مواقع عسكرية في ديورا وبولكيسي وتيسيت، خلفت مئات القتلى من الجنود، في ظل استمرار العنف وتراجع قدرة الدولة على ضبط الإقليم.

وبينما تواصل الحكومة التصريحات حول “تعزيز قدرات الجيش”، لا تزال القصص التي يرويها المعتقلون السابقون، والصور الواردة من أقمار صناعية، تفضح جانبا خفيا من النزاع المالي، الذي تحول إلى ساحة تتداخل فيها القوى المحلية والدولية، فيما يدفع الأبرياء الثمن بصمت قاتل.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض