بريطانيا تتنازل عن آخر مستعمراتها في إفريقيا وتعيد أرخبيل تشاغوس لموريشيوس

تحرير: صفاء فتحي

وقعت الحكومة البريطانية، في 22 ماي 2025، اتفاقا سياسيا تاريخيا تتنازل بموجبه عن سيادتها على أرخبيل تشاغوس في وسط المحيط الهندي، الذي يعتبر آخر الأقاليم الاستعمارية البريطانية في أفريقيا، لصالح حكومة جمهورية موريشيوس، المستعمرة البريطانية السابقة. وفي المقابل، احتفظت المملكة المتحدة بإدارة وتشغيل القاعدة العسكرية الأمريكية البريطانية المشتركة في جزيرة دييغو غارسيا، عاصمة الأرخبيل، عبر عقد إيجار طويل الأجل مدته 99 عاما قابل للتمديد. بذلك، أنهى الطرفان نزاعا دبلوماسيا وقانونيا دام لعقود.

يعود النزاع إلى عام 1965، حين فصلت المملكة المتحدة أرخبيل تشاغوس عن موريشيوس وأجرت جزيرة دييغو غارسيا للولايات المتحدة لإنشاء قاعدة عسكرية، ما أدى إلى تهجير السكان الأصليين المعروفين بالشاغوسيين، وهو ما أثار انتقادات حقوقية واسعة على مدار سنوات طويلة.

يمنح الاتفاق موريشيوس السيادة الكاملة على بقية الجزر، مما يمكنها من إطلاق برامج لإعادة توطين السكان الأصليين في تلك المناطق، بينما تبقى جزيرة دييغو غارسيا تحت السيطرة البريطانية والعسكرية الأمريكية. كما تتعهد المملكة المتحدة بتقديم دعم مالي يشمل صندوقا للاستثمار الاقتصادي ومساعدات سنوية لتعزيز التنمية المحلية في الأرخبيل.

حظي الاتفاق بترحيب واسع من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، حيث اعتبرا الخطوة مساهمة مهمة في إنهاء حقبة الاستعمار وتعزيز السيادة الوطنية للدول الإفريقية. في المقابل، أعربت جماعات الشاغوسيين عن قلقها إزاء استبعادها من مفاوضات الاتفاق، وطالبت بحقها الكامل في العودة إلى أراضيها الأصلية.

تحمل هذه التطورات دلالات جيوسياسية كبيرة، إذ تعد إعادة ترتيب للنفوذ في المحيط الهندي وتعزز دور موريشيوس كركيزة للاستقرار الإقليمي. في المقابل، قد تواجه المملكة المتحدة تحديات في الحفاظ على مصالحها العسكرية الاستراتيجية في المنطقة، خاصة مع استمرار إدارة القاعدة الأمريكية البريطانية في جزيرة دييغو غارسيا.

يعد ملف تشاغوس مثالا معقدا لقضايا السيادة، الاستعمار، والحقوق الإنسانية، ويعكس تحولات دولية تتجه نحو تصحيح المواقف التاريخية وإعادة التوازن في العلاقات بين القوى الكبرى والدول النامية.