الولايات المتحدة وبريطانيا تعلنان شراكة تجارية جديدة وسط خلافات قائمة

تحرير : وداد وهبي

وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اتفاقا تجاريا جديدا بين البلدين على هامش قمة مجموعة السبع (G7) المنعقدة يوم الإثنين الماضي في منتجع كاناناسكيس بكندا. الاتفاق، الذي طال انتظاره، يخفض الرسوم الجمركية المفروضة على واردات السيارات والمنتجات الجوية البريطانية إلى السوق الأمريكية، إلا أن قضية واردات الصلب ما زالت غير محسومة.

وقال ترامب للصحفيين وهو يلوح بنسخ من الاتفاق: “لقد وقعناه… انتهى الأمر”. ورغم الإعلان الرسمي، شاب عرض الاتفاق بعض الارتباك، حيث أخطأ ترامب في البداية بالإشارة إلى الاتحاد الأوروبي بدلا من المملكة المتحدة، قبل أن يصحح تصريحه لاحقا.

وأكد الرئيس الأمريكي أن الاتفاق “منصف للطرفين” وسيساهم في “خلق وظائف جديدة ودخل إضافي كبير”. من جهته، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن يوم التوقيع هو “يوم جيد للغاية لكلا البلدين، ودليل واضح على متانة العلاقة الثنائية”.

 يعد الاتفاق خطوة مهمة في ظل التوترات التي أثارها ترامب مؤخرا بتهديده بفرض رسوم جمركية مرتفعة على عدد من الشركاء التجاريين، مما زاد من مخاوف الأسواق العالمية من حرب تجارية شاملة. ورغم تراجعه عن بعض هذه التهديدات، يؤكد ترامب أن إدارته تواصل التفاوض مع العديد من الدول لعقد اتفاقات ثنائية جديدة.

ويشمل الاتفاق النهائي إعفاء المنتجات الجوية البريطانية من رسوم جمركية أمريكية كانت تبلغ 10%، مما يوفر دفعة قوية لقطاع الطيران في بريطانيا، بما في ذلك شركات كبرى مثل “رولز رويس”. كما يحدد الاتفاق رسوما جمركية جديدة على السيارات البريطانية بنسبة 10% فقط، بدلًا من النسبة السابقة البالغة 27.5%، وذلك ضمن حصة سنوية قدرها 100 ألف مركبة.

وزير الأعمال والتجارة البريطاني، جوناثان رينولدز، رحّب بالاتفاق مؤكدًا أنه يحمي “الوظائف وسبل العيش في قطاعات حيوية من الاقتصاد البريطاني”. كما وصفه مايك هاوز، المدير التنفيذي لجمعية مصنّعي السيارات البريطانية، بأنه “خبر رائع لصناعة السيارات في المملكة المتحدة”.

غير أن الاتفاق لم يشمل بعد مسألة تخفيض الرسوم على واردات الصلب البريطاني إلى الولايات المتحدة، وهو ما يعتبره المراقبون ضروريًا للحفاظ على قطاع الصلب البريطاني الذي تراجعت إنتاجيته بأكثر من 80% منذ أواخر الستينيات، نتيجة ارتفاع التكاليف وتفوق الإنتاج الأرخص القادم من الصين.

وفي بيان توضيحي صدر بعد اللقاء، أعلنت الإدارة الأمريكية أن وزير التجارة هوارد لوتنيك سيتولى تحديد الحصص المسموح بها من منتجات الصلب والألمنيوم البريطانية التي يمكن دخولها إلى السوق الأمريكية دون فرض رسوم جمركية إضافية.

وأكدت الحكومة البريطانية أن الهدف لا يزال التوصل إلى “إلغاء كامل للرسوم على منتجات الصلب الأساسية كما تم الاتفاق عليه مبدئيا”. ويتضمن الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب بشأن الاتفاق إشارات إلى “أمن سلاسل التوريد”، وهو ما يعكس القلق الأمريكي المتزايد من الاعتماد على الصين في هذا المجال.

كذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن قطاع الأدوية، حيث قالت الحكومة البريطانية إن “العمل سيستمر” للتوصل إلى تفاهمات في هذا الملف.

من جهة أخرى، أقر الاتفاق بحق المزارعين الأمريكيين في تصدير ما يصل إلى 13 ألف طن متري من لحم البقر إلى المملكة المتحدة سنويًا، والعكس صحيح، رغم استمرار الحظر البريطاني على استيراد اللحوم المعالجة بالهرمونات.

بهذا الاتفاق، يكون البلدان قد رسخا شراكة تجارية جديدة في مرحلة ما بعد بريكست، مع استمرار بعض الملفات الحساسة — كالصناعات الثقيلة والدوائية — قيد التفاوض.