غانا: تهريب الذهب يهدد الاقتصاد الوطني ويكشف اختلالات قطاع التعدين الحرفي

تحرير: صفاء فتحي

تواجه غانا خسائر مالية جسيمة في عائدات الذهب، بسبب تهريب كميات ضخمة من المعدن النفيس المستخرج من مناجم التعدين الحرفي، في وقت تعد فيه البلاد أكبر منتج للذهب في إفريقيا جنوب الصحراء. وقد كشف تقرير صادر عن منظمة “سويس إيد” غير الربحية عن اختفاء نحو 229 طنا متريا من الذهب خلال خمس سنوات فقط، بقيمة تقدر بنحو 11.4 مليار دولار، دون أن تمر عبر القنوات الرسمية.

ووفقا للتقرير، تنتقل كميات الذهب المهربة من غانا إلى توغو، ومنها إلى بوركينا فاسو ومالي، قبل أن تنقل خارج القارة عبر شبكات غير خاضعة لأي رقابة. هذا المسار غير الشفاف يعكس خللا بنيويا مستمرا في منظومة الحوكمة داخل قطاع المعادن، ويطرح تساؤلات جدية حول قدرة السلطات على ضبط حركة الذهب وحماية ثروات البلاد.

اعتبر أولف لاسينغ، رئيس برنامج الساحل في مؤسسة “كونراد أديناور”، أن الأرقام الواردة في التقرير لا تمثل سوى جزء بسيط من واقع أكثر تعقيدا، مشيرا إلى أن الاعتماد الواسع على التعدين غير الرسمي كمصدر دخل رئيسي لملايين المواطنين، يعقد من جهود التنظيم والمراقبة، ويمنح مهربي الذهب هامشا واسعا للتحرك خارج الأطر القانونية.

من جهته، وصف مسؤول كبير في لجنة تنظيم المعادن بغانا المعطيات الواردة في التقرير بأنها “حقيقة معروفة”، معتبرا أن ما يجري يجسد أزمة متجذرة تجاهلتها الحكومات المتعاقبة، رغم تداعياتها المباشرة على الاقتصاد الوطني. ويظهر التناقض الواضح بين الكميات المصدرة رسميا، والتي وفرت إيرادات تجاوزت 11 مليار دولار العام الماضي.

وفي تقرير منفصل صادر عن الأمم المتحدة في ماي الماضي، حذر من تنامي استغلال أنشطة التعدين غير الرسمية من قِبل شبكات غير قانونية، ما يعقد من قدرة الحكومات على تنظيم هذا القطاع الحيوي، رغم كونه مصدرا رئيسيا للعيش بالنسبة لما يقرب من 10 ملايين شخص في إفريقيا جنوب الصحراء.

وشدد الباحث برايت سيمونز في مركز “إيماني” للسياسات والتعليم في أكرا على أن جهود الحكومة الحالية لا تزال غير كافية لمعالجة الاختلالات المتراكمة، رغم وعيها المتزايد بأهمية فرض الشفافية في إدارة موارد الذهب.

تعكس أزمة تهريب الذهب في غانا تحديا بنيويا يواجه العديد من دول القارة، حيث تتقاطع الحاجة إلى تقنين نشاط التعدين الحرفي مع ضرورة الحفاظ على مصادر عيش السكان، في ظل بيئة اقتصادية واجتماعية معقدة تتطلب حلولا شاملة ومتوازنة.