الحرب بين إيران وإسرائيل تدخل أسبوعها الثاني دون أي اختراق دبلوماسي

تحرير : وداد وهبي

دخلت الحرب بين إيران وإسرائيل أسبوعها الثاني وسط استمرار الغارات الجوية وتبادل الهجمات، في وقت فشلت فيه الساعات الطويلة من المباحثات الدبلوماسية في تحقيق أي تقدم ملموس نحو وقف التصعيد. وقد التقى وزراء أوروبيون مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في جنيف أول أمس الجمعة، في محادثات استمرت أربع ساعات، بينما لا يزال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدرس إمكانية تدخل بلاده عسكريا، في ظل تزايد المخاوف من استهداف المنشآت النووية الإيرانية.

وأكدت إيران انفتاحها على الحوار مع الأوروبيين، لكنها شددت على رفض أي مفاوضات مع واشنطن طالما استمرت الهجمات الإسرائيلية، حيث صرح عراقجي أن بلاده مستعدة للدبلوماسية إذا توقفت “الاعتداءات” وتمت محاسبة المعتدين على “جرائمهم”. في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العملية العسكرية ضد إيران ستتواصل “طالما اقتضت الضرورة”، مشيرا إلى أن الهدف هو إنهاء ما وصفه بـ”الخطر الوجودي” الناجم عن البرنامج النووي الإيراني والصواريخ الباليستية.

ورغم التصريحات الحازمة من تل أبيب، فإن قدرات الجيش الإسرائيلي تبدو محدودة في غياب الدعم الأميركي، خصوصا أن المنشأة النووية الإيرانية في “فوردو” تقع في عمق الأرض ولا يمكن استهدافها إلا بقنابل خارقة للتحصينات تملكها الولايات المتحدة فقط. من جهته، أعلن ترامب أنه سيؤجل اتخاذ القرار بشأن انخراط بلاده في الحملة الجوية لمدة أسبوعين.

وقد اندلعت الحرب في 13 من شهر يونيو، حين شنت إسرائيل غارات جوية على مواقع نووية وعسكرية في إيران، استهدفت كبار القادة والعلماء النوويين. ووفقا لمنظمة حقوقية في واشنطن، فقد أسفرت الضربات عن مقتل 657 شخصا، بينهم 263 مدنيا، وإصابة أكثر من 2000 آخرين. وقد ردت طهران بإطلاق نحو 450 صاروخا و1000 طائرة مسيرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، بحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، الذي أكد أن معظمها تم اعتراضه، رغم سقوط 24 قتيلاً ومئات الجرحى في إسرائيل.

وخلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، حذر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، من خطورة استهداف المفاعلات النووية الإيرانية، لا سيما المحطة الكهروذرية الوحيدة في مدينة بوشهر، جنوب البلاد، مؤكدا أن ضربة مباشرة لها قد تؤدي إلى “إطلاق إشعاعات خطيرة جداً في البيئة”. وأوضح أن منشأة بوشهر تُعدّ الأكثر حساسية في إيران من حيث المخاطر.

ورغم تجنب إسرائيل استهداف المفاعلات النووية حتى الآن، فإن ضرباتها قد شملت منشآت أخرى مثل نطنز وورشات لتخصيب اليورانيوم قرب طهران ومختبرات في أصفهان ومفاعل آراك للمياه الثقيلة. وقد أعلنت الوكالة الذرية، بعد تحقيق أولي، أن الضربات الأخيرة  قد ألحقت أضرارا ببعض البنى الحيوية في منشأة آراك، بينها وحدة التقطير، لكنها لم تكن عاملة ولم تكن تحتوي على مواد نووية، مما نزع عنها صفة الخطر المباشر.

من الجدير بالذكر أن إيران كانت قد وافقت في اتفاق 2015 على الحد من نشاطها النووي مقابل رفع العقوبات، إلا أنها عادت إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% بعد انسحاب ترامب من الاتفاق خلال ولايته الأولى، ما يقرّبها تقنياً من مستوى 90% اللازم لصنع قنبلة نووية. ورغم ذلك، تصرّ طهران على أن برنامجها النووي مخصّص لأغراض سلمية فقط، في حين يُعتقد أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية رغم عدم اعترافها الرسمي بذلك.

ميدانيا، واصلت إسرائيل الجمعة شن ضربات على عشرات المواقع العسكرية في إيران، بينها منشآت تصنيع صواريخ. بالمقابل، أصاب صاروخ إيراني مدينة حيفا، متسببا بسحب كثيفة من الدخان وإصابة 31 شخصاً على الأقل. كما تم الإبلاغ عن انفجارات في مدينة رشت على ساحل بحر قزوين، حيث كانت إسرائيل قد حذرت المدنيين من التواجد قرب المدينة الصناعية المحاذية لمركز المدينة، لكن انقطاع الإنترنت في إيران منذ أكثر من يومين يجعل من غير المعروف مدى وصول التحذيرات.

وقدر الجيش الإسرائيلي أنه دمر معظم منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، ما أسهم في تراجع وتيرة الهجمات، غير أن بعض الصواريخ ما زالت تخترق منظومة الدفاع الجوي وتضرب مناطق سكنية مثل بئر السبع، حيث أصابت إحدى الضربات مستشفى الخميس الماضي.

في ظل هذه التطورات المتسارعة، تبدو الأيام المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات، في غياب أي مؤشرات حقيقية على تهدئة أو تسوية وشيكة، بينما تتزايد المخاوف من انزلاق المنطقة نحو مواجهة أكثر اتساعاً، قد تشمل منشآت نووية، وتترك تداعيات كارثية على الأمن الإقليمي والدولي.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض