الغابون: قانون جديد يعيد تشكيل المشهد الحزبي

تحرير: صفاء فتحي

أقرت الجمعية الوطنية في الغابون مشروع قانون جديد ينظم شروط تمويل وترخيص الأحزاب السياسية، وذلك بعد نقاشات أثارت جدلا واسعا في الأوساط السياسية المحلية. صوت لصالح القانون 57 نائبا من أصل 69 حضروا الجلسة، بينما عارضه 7 نواب وامتنع 3 آخرون عن التصويت. ومن المرتقب أن يحال المشروع إلى مجلس الشيوخ للمصادقة عليه قبل أن يعرض على رئيس الجمهورية لتوقيعه ودخوله حيز التنفيذ.

يأتي هذا القانون في سياق سياسي يتسم بمحاولات إعادة هيكلة الحقل الحزبي، لا سيما بعد الاجتماع الذي عقده الرئيس بريس أوليغي أنغيما مع قادة الأحزاب السياسية المعترف بها، في ماي الماضي بالقصر الرئاسي. وقد اعتبر الرئيس خلال اللقاء أن وجود أكثر من مئة حزب في بلد لا يتجاوز عدد سكانه ثلاثة ملايين نسمة يعكس خللا بنيويا ينبغي معالجته. وأكد أن تقليص عدد الأحزاب وإنشاء إطار قانوني صارم لاعتمادها وتمويلها، يعدان من مخرجات الحوار الوطني المنعقد في أبريل 2024.

ينص القانون الجديد على ضرورة تقديم كل حزب سياسي، قائم أو مستحدث، قائمة تضم 12 ألف عضو مرفقة بنسخ من بطاقاتهم الشخصية إلى وزارة الداخلية كشرط للحصول على الترخيص القانوني. وقد أثارت هذه الإجراءات انتقادات من بعض الفاعلين السياسيين، الذين اعتبروها شروطا تعجيزية قد تحد من التعددية وتمنح الأفضلية لأحزاب مقربة من السلطة. في المقابل، يرى المدافعون عن المشروع أنه يهدف إلى تنظيم المشهد السياسي ووضع حد لحالة من التعددية المفرطة وغير المنضبطة التي طبعت الحياة السياسية لعقود.

ويعد هذا التطور جزء من الديناميات السياسية التي أعقبت انتقال السلطة في الغابون عام 2023، وما تبعه من تعهدات بإعادة بناء المؤسسات وتدشين مرحلة جديدة من الحوكمة. تسعى الحكومة الانتقالية إلى إرساء منظومة قانونية تضمن قدرا أكبر من الشفافية والانضباط في العمل الحزبي، في وقت تواجه فيه تحديات ترتبط بتعزيز الثقة الشعبية في المؤسسات وضمان انفتاح العملية السياسية على مختلف الفاعلين.

في هذا السياق، ينظر إلى القانون الجديد باعتباره محطة مفصلية في مسار إعادة تشكيل النظام السياسي الغابوني، بين من يرى فيه خطوة ضرورية لإرساء قواعد جديدة للانضباط المؤسساتي، ومن يخشى أن يتحول إلى أداة لتقليص هامش التعددية وتكريس هيمنة سياسية محددة.