فرنسا تفعل سياسة “الصفر تساهل”: أكبر حملة أمنية ضد المهاجرين منذ سنوات

تحرير: وداد وهبي

بصوت حاد وبنبرة لا تخلو من التحذير، أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو من على رصيف محطة “غار دو نور” في باريس، أن بلاده لم تعد تتحمل المزيد: “لا تأتوا إلى فرنسا. التساهل صفر”. هذه العبارات التي رددها الوزير أمام عدسات الكاميرات، شكلت الإشارة الرسمية لانطلاق حملة أمنية غير مسبوقة تستهدف الهجرة غير النظامية.

على مدى يومي ال 18 وال 19 من شهر يونيو الجاري، نشرت السلطات الفرنسية أكثر من أربعة آلاف عنصر من الشرطة والدرك والجمارك والجيش ضمن عملية وصفت بـ”الوطنية”، وقد تمركزت هذه العملية في محيط المحطات الكبرى وداخل القطارات، لتعقب من تصفهم الحكومة بـ”السرّيين”. تكاد هذه التعبئة، من حيث الحجم أن توازي تلك التي صاحبت نهائي دوري أبطال أوروبا في العاصمة الفرنسية نهاية شهر ماي الماضي.

وأوضحت وزارة الداخلية  أن هذه العملية تعد الثانية من نوعها خلال شهر واحد، مشيرة إلى حملة سابقة كانت قد نفذت في شهر ماي الماضي واستهدفت حافلات النقل الدولي منخفض التكلفة، وأسفرت عن توقيف 759 مهاجرا غير نظامي، بعد تفتيش ما يقرب من 900 حافلة. وقد تم على إثرها إصدار 245 أمرا بمغادرة التراب الفرنسي و34 حالة احتجاز إداري إضافة إلى 72 حالة ترحيل إلى بلدان أوروبية أخرى بموجب اتفاقيات إعادة الترحيل.

واعتبر الوزير ريتايو هذه النتائج “ملموسة”، معلقا بأنها تعكس “فعالية السياسة الصارمة” التي تنتهجها الحكومة في ملف الهجرة.

غير أن هذه الأرقام أثارت موجة من الانتقادات في الأوساط الحقوقية. فقد اعتبر المحامي فينسان سوتي هذه الحملة “استعراضا للقوة يخلو من الحكمة”، مشيرا إلى أن “مراكز الاحتجاز مخصصة لمن يشكلون خطرا على الأمن العام لا لمن يكسبون قوتهم من بيع الخضار”. كما نددت المحامية سيسيل مادلين بما وصفته بـ”سياسة الأرقام الجوفاء”، لافتة إلى أن أحد موكليها، وهو مهاجر جزائري، أُوقف أثناء عودته إلى منزله رغم أنه يقيم بشكل مستقر مع زوجته وأطفاله الثلاثة المسجلين في المدارس.

وفي ظل هذه الإجراءات، يتنامى لدى العديد من المهاجرين شعور بالخوف، وسط اتهامات للحكومة بترسيخ مناخ من الترهيب، والتخلي عن أي مقاربة إنسانية أو اجتماعية لحلّ أزمة الهجرة.