اختلاف في المواقف الإقليمية والدولية بعد الغارات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية

تحرير: وداد وهبي

أثار القصف الجوي الذي نفذته الولايات المتحدة على ثلاث منشآت نووية في إيران ردود فعل واسعة ومتباينة في مختلف أنحاء العالم، وسط تحذيرات أممية من عواقب كارثية محتملة على الأمن الدولي. عبرالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بـ”تصعيد خطير” في منطقة تقف أصلا على حافة الانفجار، داعيا جميع الأطراف إلى الالتزام بالميثاق الأممي والقانون الدولي والعمل على خفض التوتر.

جاءت الضربات الأميركية، التي استهدفت منشآت فوردو ونتانز وأصفهان،  بعد أيام من الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف بدوره الأراضي الإيرانية بزعم “منع إيران من امتلاك سلاح نووي”، وفق تعبير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.  ومن جهتها، ردت إيران على القصف الأمريكي بإطلاق صواريخ استهدفت مناطق مختلفة في إسرائيل، بينها مواقع مدنية وعسكرية.

في واشنطن، أعلن الرئيس دونالد ترامب، في تصريح متلفز، أن العملية العسكرية قد حققت “نجاحاً ساحقاً”، مؤكداً تدمير المواقع النووية المستهدفة “بشكل كامل وشامل”. وأثارهذا  التصريح  انتقادات حادة، لا سيما من روسيا، التي اعتبرت أن ما قامت به واشنطن يشكل “انتهاكاً سافراً لسيادة دولة مستقلة” وخروجاً على ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن. وصف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري مدفيديف،  ترامب بأنه “رئيس حروب لا سلام”، متهكماً بالقول إن “هذا النوع من النجاحات لن يؤهله للفوز بجائزة نوبل للسلام”.

الموقف الصيني لم يختلف كثيراً، إذ أعربت بكين عن رفضها القاطع لاستخدام القوة، معتبرة أن الهجوم يفاقم الوضع الإقليمي ويهدد الأمن الجماعي، ودعت جميع الأطراف، ولا سيما إسرائيل، إلى وقف التصعيد والعودة إلى الحوار. في السياق نفسه، أصدرت عدة دول عربية مواقف منددة، إذ أدانت السعودية “انتهاك السيادة الإيرانية”، وحثت المجتمع الدولي على تغليب الحلول السياسية. سلطنة عُمان وقطر دعتا إلى التهدئة، بينما عبّرت مصر عن خشيتها من انزلاق المنطقة نحو مزيد من الفوضى، مؤكدة أن لا بديل عن الحلول الدبلوماسية.

في أوروبا، طالبت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، كايا كالاس، جميع الأطراف بـ”العودة إلى طاولة المفاوضات وتفادي التصعيد”، معتبرة أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيشكل تهديدا للأمن العالمي. وأشار رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر،  إلى أن الخطوة الأميركية تأتي ضمن محاولات “لمنع إيران من التحول إلى قوة نووية”، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن الحل لا يمكن أن يكون إلا عبر الطرق الدبلوماسية.

اتسم الموقف الأفريقي  بالحذر، حيث عبرت جنوب إفريقيا عن “قلق بالغ”، وحثت على إعطاء الأمم المتحدة مساحة للتحرك نحو تسوية سلمية.  وأعرب السودان أيضا عن خشيته من أن يؤدي التصعيد إلى زعزعة استقرار المنطقة، وأكد في بيان رسمي على ضرورة احترام سيادة الدول والسعي إلى حل سلمي للأزمة.

أما في أمريكا اللاتينية، فقد عبر رؤساء كل من تشيلي وفنزويلا وبوليفيا وكوبا عن رفضهم القاطع للضربات الأميركية، معتبرين أنها تمثل “عملا عدوانيا غير مبرر ينتهك القانون الدولي”. ووصف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو  الهجوم بأنه “خطوة خطيرة وغير مسؤولة”، فيما دعا نظيره التشيلي غابرييل بوريك إلى احترام القانون الإنساني الدولي، قائلا إن “القوة لا تبرر الانحراف عن القواعد التي وضعتها الإنسانية لنفسها”.

في طهران، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ما حدث بأنه “فضيحة وانتهاك صارخ للقانون الدولي”، مضيفا أن بلاده “تحتفظ بحق الرد بكافة الوسائل الممكنة لحماية سيادتها وشعبها”. وبينما تصر طهران على مواصلة برنامجها النووي ضمن ما تعتبره “حقوقاًسيادية”، يتواصل الحراك الدولي وسط انقسام واضح وصراع متزايد على مستقبل الأمن في منطقة الشرق الأوسط.