مصر – النوبيون يطالبون بحق العودة: واقع مؤجل رغم النصوص الدستورية

تحرير: وداد وهبي

منذ أكثر من نصف قرن، لا يزال النوبيون في مصر يدفعون ثمن مشروع وصف حينها بـ”القومي”. فقد ترك تهجيرهم القسري من ضفاف النيل في ستينيات القرن الماضي، بسبب بناء السد العالي في أسوان، جرحا غائرا لم تلتئم آثاره حتى اليوم. وعلى الرغم من أن دستور 2014 المصري نص بشكل صريح على حقهم في العودة إلى أراضيهم الأصلية، فإن هذا الحق ظل حبيس النصوص، غير قابل للتطبيق.

في قرية “دهيمت”، الواقعة شمال أسوان، تتجلى ملامح هذا التهميش المزمن في طرق ترابية بلا إنارة ومنشآت مهجورة ومشاريع متوقفة عند أساساتها. هناك، يعبر عامر نور، رجل ستيني عائد من سنوات الاغتراب في الكويت، عن غضبه: “أين الصرف الصحي؟ أليس هذا من أبسط حقوق الإنسان؟”، يسأل بمرارة وهو يتنقل بين بقايا وعود لم تتحقق. بالنسبة له، ما يروج له تحت اسم “إعادة تأهيل” لا يعدو كونه ديكورا شكليا يخفي إهمالا ممنهجا.

يشعرالنوبيون وهم أكبر أقلية إثنية في البلاد بأن الدولة المصرية اختزلتهم في ملف تنموي من الدرجة الثانية. فأراضيهم التي غرقت تحت مياه السد وبيوتهم التي لم تعوض وهويتهم التي أقصيت عن المشهد العام، كلها شواهد على تاريخ طويل من التهميش. ورغم موجات الدعم الرمزي والتصريحات الرسمية، لم يترجم أي منها إلى خطوات ملموسة تعيد الحق إلى أصحابه.

ما تطالب به هذه الفئة من المواطنين ليس ترفا ولا منة، بل حق أصيل في الكرامة والعودة والبنية التحتية والخدمات الأساسية. سنوات من الوعود المتكررة أرهقت صبرهم، بينما الواقع ظل على حاله، يراوح بين التجاهل والتمييع.

إن استمرار تجاهل هذا الملف لا يمس فقط بحقوق مجموعة عرقية أصيلة، بل يطرح سؤالا أوسع عن العدالة والمواطنة في مصر. فهل يعقل أن تبقى النوبة في الهامش، بعد أن شكلت، لقرون، جزءا حيا من ضمير النهر والتاريخ؟

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض