إثيوبيا وإيران: تقارب حذر وسط اضطرابات إقليمية

تحرير: صفاء فتحي

استقبلت أديس أبابا مؤخرا وفدا أمنيا إيرانيا يقوده رئيس الشرطة اللواء أحمد رضا رادان، بعد أيام قليلة من زيارة مسؤول غربي بارز، في خطوة أثارت تساؤلات حول طبيعة التوازنات التي تعتمدها إثيوبيا في علاقاتها الخارجية. وأسفر اللقاء عن توقيع مذكرة تفاهم أمنية شملت تبادل المعلومات، مكافحة الجرائم العابرة للحدود، وبناء القدرات، دون الكشف عن تفاصيل التنفيذ أو الجدول الزمني.

جاء هذا التقارب في سياق إقليمي يشهد تقلبات سياسية وأمنية، ينظر إليه كجزء من استراتيجية إثيوبية تقوم على تنويع الشركاء، بعيدا عن الاعتماد على طرف دون آخر. إلا أن طبيعته الحذرة وغموض مخرجاته يعكسان حرص الجانبين على تفادي إثارة التوترات في بيئة تعرف تحولات متسارعة في موازين النفوذ و تشابكا في المصالح الإقليمية.

تعود العلاقات بين البلدين إلى عقود، شهدت خلالها فترات من التقارب والتباعد، غير أن المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة منحت هذا التعاون بعدا مختلفا يتجاوز الأطر التقليدية. وتحاول إثيوبيا، التي تمر بمرحلة إعادة بناء بعد صراع داخلي، الاستفادة من الفراغ الذي خلفه تراجع بعض الفاعلين الدوليين لإعادة تموضعها في الخارطة الدبلوماسية والأمنية، عبر مقاربات قائمة على البراغماتية وتعدد القنوات.

في المقابل، تسعى إيران إلى تعزيز وجودها في منطقة ذات أهمية استراتيجية من خلال مسارات متعددة، أبرزها التعاون الأمني، مستفيدة من انفتاح نسبي تبديه بعض العواصم الأفريقية. غير أن هذا التوجه يظل محفوفا بالتحديات، بالنظر إلى التعقيدات المحلية وتعدد المصالح الخارجية المتشابكة، التي قد تحد من هامش التحرك وتفرض إيقاعا حذرا على أي شراكة محتملة.

يبدو أن هذا التقارب يتم وفق حسابات دقيقة، تأخذ بعين الاعتبار السياقات الداخلية والخارجية المعقدة. ففي الوقت الذي يمكن أن يوفر لإثيوبيا دعما أمنيا وتقنيا في الأمد القصير، فإنه يضعها في موقع يتطلب توازنا حرجا في علاقاتها مع شركاء تقليديين قد لا ينظرون بعين الرضا إلى هذا النوع من الانفتاح.

وفي بيئة أمنية هشة، يبقى السؤال مطروحا حول ما إذا كان هذا التعاون سيسهم فعليا في تعزيز الاستقرار، أم أنه سيعمق حالة الاستقطاب ويزيد من تعقيد المشهد. فرغم ما تحمله المذكرة من إمكانيات، فإن تنفيذها على الأرض سيظل رهينا بحسابات دقيقة، وقد يكون موضع متابعة حذرة من عواصم إقليمية ودولية تراقب عن كثب كل تحول في موازين القوى داخل منطقة القرن الأفريقي.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض