فاجعة إنسانية : مصرع 11 عاملا في انهيار منجم ذهب تقليدي شمال شرق السودان

تحرير: وداد وهبي

في ظلّ حرب أهلية دامية تعصف بالسودان منذ أكثر من عامين، شهدت منطقة نائية في شمال شرق البلاد حادثا مأساويا جديدا يسلط الضوء على هشاشة قطاع التعدين التقليدي. فقد أدى انهيار جزئي في أحد المناجم التقليدية للذهب إلى مصرع 11 عاملا وإصابة سبعة آخرين، بحسب ما أعلنته الشركة السودانية للموارد المعدنية (SMRC).

وقع الحادث خلال عطلة نهاية الأسبوع داخل منجم كرش الفيل بمنطقة حويد الصحراوية، الواقعة بين مدينتي عطبرة وهايا، الخاضعتين لسيطرة القوات المسلحة السودانية (SAF) في ولاية البحر الأحمر. وأوضحت الشركة أن عمليات التعدين في هذا المنجم كانت قد أُوقفت مسبقاً، مع إصدار تحذيرات بشأن استمرار العمل فيه نظراً للمخاطر الجسيمة التي يشكلها على حياة العمال.

يأتي هذا الحادث المروع  في وقت يستمر فيه النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع (RSF)، وهو نزاع غذته عائدات الذهب الذي يعتبر المورد الرئيسي لتمويل الطرفين المتقاتلين.

رغم التدهور الاقتصادي الحاد الذي يعصف بالبلاد نتيجة الحرب، أعلنت الحكومة عن تسجيل رقم قياسي في إنتاج الذهب عام 2024، بلغ 64 طنا. ويعد السودان ثالث أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة، وأحد أكبر منتجي الذهب في القارة، إلا أن معظم الإنتاج يتم عبر التعدين التقليدي والحرفي، الذي يتم خارج الأطر الصناعية الرسمية.

ويُعرف عن هذا النوع من التعدين افتقاره إلى شروط السلامة واستخدامه مواد كيميائية خطيرة تتسبب في أمراض بيئية وصحية مزمنة في المجتمعات المجاورة. كما أنّ حوادث الانهيار شائعة في هذا القطاع، ومن أبرزها انهيار منجم في عام 2023 أودى بحياة 14 عاملاً، وآخر في 2021 خلف 38 قتيلاً.

قبل اندلاع الحرب في أبريل 2023، كانت صناعة التعدين الحرفي توفر فرص عمل لأكثر من مليوني شخص، بحسب خبراء في القطاع. أما اليوم، فيتم تهريب كميات كبيرة من الذهب المستخرج إلى دول الجوار، مثل تشاد وجنوب السودان ومصر، قبل أن تجد طريقها إلى الأسواق العالمية.

خلفت الحرب في السودان  عشرات الآلاف من القتلى، وتسببت في أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم، حيث اضطر أكثر من 13 مليون شخص إلى مغادرة منازلهم داخل البلاد، بينما لجأ أكثر من أربعة ملايين عبر الحدود.

في خضم هذا الانقسام الدموي، لا تبدو الكارثة الأخيرة في مناجم الذهب إلا وجهاً آخر من وجوه معاناة السودانيين، الذين يدفعون الثمن الأغلى في صراع بات يهدد وجود الدولة ومقدراتها.