استراتيجية ترامب في إفريقيا.. هل تجد طريقها للتنفيذ؟!
(بقلم: محمد زاوي)
تتأسس السياسة الأمريكية الجديدة على عدد من الأسس، من أبرزها: نزع فتيل النزاعات السياسية والعسكرية في مناطق التوتر عبر العالم (روسيا-أوكرانيا، الصين-تايوان، أرمينيا-أذربيجان، إيران-“إسرائيل”، فنزويلا-غويانا، الخ)، منع أو تخفيض التمويلات على أساس سياسي أو عسكري أو حقوقي، تقييم العلاقات الدولية على أساس الربح الاقتصادي، الخروج من دوائر التوتر العسكري، نهج أسلوب المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية مع الصين. والسؤال المطروح بهذا الخصوص: كيف تنعكس هذه السياسات على دول القارة الإفريقية؟
لقد بدأت بعض معالم هذه السياسات الأمريكية الجديدة تظهر في هذا الملف أو ذاك من الملفات العالقة بالقارة الإفريقية، كذا في الأسلوب الذي نهجته إدارة ترامب في التواصل مع دول إفريقيا، ناهيك عن التوازنات الاقتصادية الجديدة في القارة والتي تبحث الولايات المتحدة الأمريكية عن موطئ قدم فيها. وإذا كانت دول إفريقية ستستفيد من هذه السياسات فإن أخرى ستتضرر منها وستضطر لتغيير وجهتها الاقتصادية أو السياسية جراءها، خاصة تلك التي تربطها علاقات مصالح بنقيض ترامب داخل أمريكا أو بمنافسيه العالميين.
لم تتفرغ الإدارة الأمريكية الجديدة بما يكفي للقارة الإفريقية إلى حدود الساعة، وذلك بسبب مشاكل أكبر في الشرق الأوسط (بين “إسرائيل” وإيران) وشرق أوروبا (بين روسيا وأوكرانيا). إلا أن سياساتها الإفريقية لا تبعد كثيرا عن النهج الذي اتخذته سياساتها في الخليج مثلا، وفي ما يلي بيان ذلك:
-التواصل المباشر مع المجموعات والقوى الإفريقية: في هذا الصدد تداولت تقارير إعلامية، نقلا عن مسؤول أمريكي كبير في البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر عقد قمة أمريكية-إفريقية تجمعه بزعماء خمس دول إفريقية هي: الغابون وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا والسنغال. وجاء في تصريح ذات المسؤول الأمريكي أن هذه القمة تأتي لتعزيز المصالح الاقتصادية الأمريكية، وكذا مصالح الدول الإفريقية الخمس في إطار علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية.. وبالرجوع إلى خريطة القارة الإفريقية نجد أن جميع الدول المستضافة لدى ترامب تنتمي إلى مجال جغرافي واحد: غرب إفريقي يطل على المحيط الأطلسي، أي يفصلها عن أمريكا المحيط الأطلسي فقط. إنها واجهة من الواجهات الأطلسية التي يريد أن يتخذ منها ترامب قاطرة اقتصادية نحو إفريقيا، وبالتالي فالعلاقة بها جزء أساسي من استراتيجيته في القارة.
-تفعيل المصالحات ونزع فتيل الصراعات والتوترات: وقد شرعت الإدارة الأمريكية في ذلك بتوقيع اتفاق سلام في البيت الأبيض بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا. ويهدف هذا الاتفاق إلى تحقيق السلام بين البلدين، وإنهاء صراعات مسلحة طاحنة دامت حوالي ست سنوات. ولا يخلو مكان توقيع الاتفاق، البيت الأبيض، من دلالة؛ ما يعني أن الصراعات والتوترات الإفريقية ليست بعيدة عن العين الأمريكية، وربما بقيت لعقود حبيسة سياسات تستثمر في الصراعات والحروب. إن التدخل الأمريكي في الصراع بين الكونغو الديمقراطية ورواندا ليس بغير ثمن، وإنما هي سياسة بثمنين: سحب البساط تحت قدمي نقيض الإدارة الأمريكية الجديدة في إفريقيا، تهيئة الظروف لاستراتيجية ترامب الاقتصادية والسياسية -وخاصة الاقتصادية- في ذات القارة.
-تأسيس الدعم الاقتصادي على الربح المتبادل (رابح-رابح): لا يبدي ترامب استعدادا كبيرا للإنفاق على الصراعات والحروب، كما لا يجد مصلحة -في إطار شعاره “أمريكا أولا”- في دعم مشاريع اقتصادية واستثمارات إفريقية من أجل مردود سياسي-ثقافي لا ينفع اقتصاديا أو مردود اقتصادي ضئيل. وفي هذا الإطار تأتي سياسته الجديدة بتخفيض التمويلات الأمريكية الموجهة للشركات الإفريقية الناشئة، وهي التمويلات التي التزمت بها “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” لسنوات. وهناك سياسة أخرى انتهجتها إدارة ترامب ضد كافة الدول، بما فيها دول إفريقيا، وهي سياسة رفع الرسوم الجمركية أو خفضها حسب نوع العلاقات الاقتصادية بين أمريكا وشركائها. أمام الدول الإفريقية طريق اقتصادي وحيد في ظل هذا الواقع الجديد: تحرير الاقتصاد بالاستفادة من التناقضات الدولية القائمة من جهة، والعمل على التطوير الداخلي (الإفريقي) لقوى الإنتاج من جهة أخرى.
في طريق ترامب لتنفيذ الاستراتيجية الأمريكية الجديد، تبرز العراقيل والتحديات الواحدة تلو الأخرى.. فإما هي دول ذات نزوع وعلاقات غير ما تريده أمريكا، وإما أطراف محلية في الصراع والحروب الأهلية كالجماعات الإرهابية وغيرها من الجماعات المسلحة والتي قد تكون مدعومة أجنبيا لعرقلة سياسة ترامب في هذه المنطقة أو تلك، وإما دول يحتدم فيها التنافس الاقتصادي بين مختلف الأطراف (الصين، أمريكا، الهند، الخ)، وإما هم حلفاء وشركاء في ذات الاستراتيجية بما يحقق مصالحهم لا بما يحقق مصالح الأمريكي فقط.. كلها عراقيل وتحديات تحتاج إلى دراسة وموازنة من قبل الأمريكي في قارة صاعدة اقتصاديا تقع في صميم اهتمام جميع القوى الاقتصادية الكبرى، وما زالت لحدود الساعة لم تتحرر من قبضة التنافس الأجنبي تحررا كاملا.
-
تحالف برلماني يجمع المغرب وموريتانيا والسنغال وغامبيا لتعزيز التعاون الإقليمي
تحرير: رضى الغزال يتجه العمل البرلماني في شمال وغرب إفريقيا نحو مرحلة جديدة مع الإعلان عن تأسيس تحالف يجمع المغرب وموريتانيا... التعاون الاقليمي والدولي -
بين التوقيع والواقع: اتفاق الكونغو ورواندا يتجاهل M23 ويثير الشكوك
تحرير : وداد وهبي وقعت كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، يوم الجمعة المنصرم كما هة معلوم، اتفاق سلام برعاية الولايات... تحليل جيوسياسي -
الوكالة الدولية للطاقة الذرية: قدرات إيران النووية ما تزال قائمة
تحرير: صفاء فتحيأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، أن طهران قد تستأنف تخصيب اليورانيوم خلال الأشهر المقبلة،... إيران -
الجزائر والنيجر وبوركينا فاسو في قلب التحديات العالمية لتحقيق أهداف التنمية
تحرير : وداد وهبي بعد مرور عقد كامل على إطلاق خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، بات من الواضح أن أيا... تحليل جيوسياسي -
إثيوبيا وإيران: تقارب حذر وسط اضطرابات إقليمية
تحرير: صفاء فتحياستقبلت أديس أبابا مؤخرا وفدا أمنيا إيرانيا يقوده رئيس الشرطة اللواء أحمد رضا رادان، بعد أيام قليلة من... تحليل جيوسياسي -
اختلاف في المواقف الإقليمية والدولية بعد الغارات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية
تحرير: وداد وهبي أثار القصف الجوي الذي نفذته الولايات المتحدة على ثلاث منشآت نووية في إيران ردود فعل واسعة ومتباينة في... تحليل جيوسياسي