إفريقيا تبرز كوجهة جديدة للهجرة من دول عربية وآسيوية

تحرير: ماهر الرفاعي

تشهد القارة الإفريقية في السنوات الأخيرة تحولات بارزة جعلتها تبرز كوجهة جاذبة للهجرة، ليس فقط من داخل القارة، بل أيضا من دول عربية وآسيوية. فقد أصبحت بلدان مثل المغرب، جنوب إفريقيا، كينيا، ونيجيريا محطات مفضلة لعدد متزايد من المهاجرين الباحثين عن فرص اقتصادية جديدة، أو بيئات أكثر استقرارا، أو ملاذات آمنة بعيدا عن النزاعات والأزمات في مناطقهم الأصلية.

ساهمت مجموعة من العوامل في ترسيخ هذا الاتجاه، من بينها النمو الاقتصادي الملحوظ في بعض الدول الإفريقية، وتزايد الاستثمارات الأجنبية في مجالات البنية التحتية، الطاقة، والتكنولوجيا، إضافة إلى توسع أسواق العمل وطلب اليد العاملة الماهرة وغير الماهرة. تستفيد دول شمال إفريقيا، على وجه الخصوص، من موقعها الجغرافي الاستراتيجي باعتبارها حلقة وصل بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء، ما جعلها تحظى باهتمام متزايد من المهاجرين القادمين من آسيا والمنطقة العربية.

يرتبط هذا التوجه أيضا بتغير مسارات الهجرة العالمية، حيث لم تعد أوروبا الوجهة الوحيدة المفضلة، خاصة في ظل القيود الصارمة وسياسات الهجرة المشددة التي تبنتها بعض الدول الأوروبية خلال العقد الأخير. في المقابل، توفر عدة دول إفريقية تسهيلات نسبية في منح التأشيرات وإجراءات إقامة الأعمال، ما شجع عددا كبيرا من المهاجرين على الاستقرار، وإنشاء مشاريع صغيرة، أو العمل في قطاعات خدماتية وتجارية متنامية.

إلى جانب العوامل الاقتصادية، ساهمت عوامل ثقافية ودينية في جذب مهاجرين من دول عربية وإسلامية إلى بلدان إفريقية تتميز بمجتمعات متنوعة وأكثر تقبلا. كما لعبت شبكات الجاليات المقيمة دورا مهما في دعم الوافدين الجدد، وتسهيل اندماجهم، ما ساعد في تعزيز فرص الاستقرار وتقليل التحديات الاجتماعية.

ورغم ما تقدمه إفريقيا من إمكانيات وفرص، يواجه المهاجرون تحديات متعددة، مثل صعوبة الحصول على الإقامة القانونية في بعض البلدان، وتفاوت مستوى الخدمات الأساسية، فضلا عن الضغوط السكانية في المدن الكبرى التي قد تؤدي إلى توترات محلية أحيانا.

في هذا الإطار، يبرز دور الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية في تطوير سياسات شاملة لإدارة الهجرة، وحماية حقوق المهاجرين، بما يضمن استفادة الدول المستقبِلة من الإمكانات الاقتصادية والديموغرافية للهجرة، إلى جانب الحفاظ على التماسك الاجتماعي وتعزيز التنمية المستدامة.

تعكس هذه الدينامية المتصاعدة تحولا مهما في خريطة الهجرة العالمية، وتؤكد مكانة إفريقيا كفاعل أساسي في هذا الملف، سواء كوجهة استقبال أو كنقطة عبور، ما يستدعي تبني مقاربات متوازنة قائمة على التعاون والمسؤولية المشتركة بين مختلف الأطراف.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض