تحليل خطاب ترامب لقادة الدول الإفريقية.. تأسيس أمريكي لعلاقات جديدة!
تحرير: محمد زاوي
لقد كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واضحا تمام الوضوح في الخطاب الذي وجهه لخمس دول إفريقية، هي غينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا والسنغال والغابون، استضافها يوم أمس الأربعاء في البيت الأبيض. وقد كانت كل إشارة أو كلمة منه دالة على التوجه الذي يريد ترامب أن يقيس على منواله علاقاته الجديدة بإفريقيا. وهذا -ربما- ما فهمه رئيس الغابون فقال إن “إفريقيا ليست فقيرة وإنما تحتاج إلى شراكات مربحة للجميع”. وهو ما يمكن أن توفره أمريكا كما قد يوفره غيرها، بحسب الرئيس الغابوني الذي أبى إلا أن يذكّر ترامب بمنافسيه في إفريقيا، وعلى رأسهم الصين.
هذه دلالة عامة استشفها رئيس الغابون، أما الدلالات الخاصة فعديدة، وأبرزها إعجاب ترامب بإنجليزية رئيس ليبيريا، وامتعاظه من فرنسية الرئيس الموريتاني. وليس الحديث هنا عن اللغة كلسان فحسب، بل كسوق لغوية أصبحت تنافس الفرنسية في القارة الإفريقية، وتتوجس صعود اللغة الصينية عالميا. الإشارات التي قدمها ترامب، في سياق تفاعلها من كلمتي رئيسي ليبيريا وموريتانيا، أبعد من أن تكون إشارات جزافية وغير مدروسة، بل هي جزء من خطاب ترامب ولغته المعتادة. وإذا كانت فرنسا قد ألفت ضعف اللسان الإنجليزي في إفريقيا، وإذا كانت الصين قد سارعت إلى تأسيس مشاريع لتدريس اللغة الصينية وترويجها في عدد من البلدان الإفريقية، فإن أمريكا لن تُعدَم سياسة في هذا السباق!
نأتي الآن إلى الدلالة الثانية، والمستنتَجة من قول ترامب: “أنا بصدد تغيير نهج الولايات المتحدة تجاه إفريقيا بالاعتماد على التجارة بدلا من المساعدات”. وذلك لأن المساعدات سياسة سابقة استعملها نقيض ترامب (الحزب الديمقراطي وهيئاته) لتوظيف هذه الدولة الإفريقية أو تلك، ولدعم هذا الطرف على حسب الطرف الآخر لغاية ما موجهة بمنطق “الربح بالسياسة والحرب لا بالاقتصاد والتجارة”، في حين يتأسس منطق “أمريكا ترامب” على “الربح بالاقتصاد والتجارة لا بالسياسة والحرب”. وكل ضغط سياسي من قبل إدارة ترامب فما هو إلا مدخل لصفقة تجارية أو اتفاق اقتصادي منتج مربح للطرفين، رغم تفاوت الربح بينهما (وهذه ميزة الإمبريالية عموما، والإمبريالية الجديدة على وجه الخصوص).
وكانت المنافسة الصينية حاضرة في خطاب ترامب، وهذه هي الدلالة الثالثة، حيث قال الرئيس الأمريكي إن “الولايات المتحدة شريك أفضل لأفريقيا من الصين”؛ إلا أنه لم يحدد خصائص هذه الأفضلية في معرض كلامه، وربما أرجأها للنقاشات التفصيلية والثنائية. السيناريوهات كلها ممكنة في ظل التنافس القوي بين أمريكا والصين على مقدرات واستثمارات القارة الإفريقية، ولا ضير أن تتنازل أمريكا عن ربح عاجل ترقبا لربح آخر، يبدأ بعائدات الاستثمارات الأمريكية في إفريقية (الحصول على فائض قيمة إفريقي في ظل “تبادل لا متكافئ” بتعبير سمير أمين)، وينتهي بسحب البساط الإفريقي تحت قدمي “التنين الصيني”.
والدلالة الرابعة قول ترامب بوجود “إمكانات اقتصادية هائلة في إفريقيا”؛ وهو ما يهمه أساسا، كامتداد لاستراتيجيته السلمية الاستثمارية في البلدان الإفريقية. فباستحضار الثروات المعدنية التي تزخر بها الدول الإفريقية الخمس التي استضافها ترامب، خاصة منها المعادن المعتدة في صناعة السيارات الكهربائية (الكوبالت مثلا) والأسمدة الزراعية (الفوسفات مثلا)؛ أو باستحضار الإمكانات الطاقية البديلة في القارة الإفريقية، أو فرص الاستثمار الهائلة التي تقدمها في مجالات اللوجيستيك والبنيات التحتية؛ باستحضار كل ذلك نفهم ما قصده ترامب بـ”الإمكانات الاقتصادية الهائلة”. إنها تلك الإمكانات التي تخرج الرأسمال الصناعي المدني بأمريكا من تراجع وشبه ركود عقود من الزمن عرفت فيها الصناعات الصينية تقدما كبيرا يكاد يعصف بالتقدم الأمريكي!
وخامس الدلالات إشارة ترامب إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية “تعامل إفريقيا معاملة جيدة على صعيد الرسوم الجمركية”؛ وهذا تهديد بلغة التفضيل. إن المعاملة الأمريكية لا ينبغي أن تعود على الولايات المتحدة الأمريكية بما هو دونها، وإلا فإن جميع الدول الإفريقية مهددة بما يهدد به ترامب -اليوم- كلا من جنوب إفريقيا والجزائر وتونس وليبيا، أي برفع الرسوم الجمركية على صادراتها. وكأن ترامب بهذه السياسات الاقتصادية الجديدة يسارع الزمن، وكأن الزمن الاقتصادي التنافسي لا يسعفه ولا ينتظره. إنها محاولة لاستغلال جميع إمكانات الضغط لملء فراغ قد تملأه الصين أو إحدى القوى الصاعدة، أو لتعديل علاقات لا تخدم المصالح الأمريكية.
-
أوغندا تسجل إيرادات قياسية من صادرات البن
تحرير: محمد المكوديحققت أوغندا، ثاني أكبر منتج للبن في إفريقيا بعد إثيوبيا، إيرادات قياسية من صادرات البن خلال السنة المالية... إقتصاد -
نيجيريا تتحدى واشنطن: رفض لترحيل المهاجرين ومطالبة بعلاقات أكثر ندية
تحرير: وداد وهبي في موقف لافت يعكس تحولا في علاقات إفريقيا مع القوى الغربية، أعلنت نيجيريا رفضها الصريح لمحاولات الولايات المتحدة... رأي -
جبل كليمنجارو: سقف إفريقيا الذي يتحدى الزمن والتغير المناخي
تحرير: أفريكا آييُعد جبل كليمنجارو في تنزانيا أيقونة طبيعية استثنائية، فهو أعلى قمة جبلية في إفريقيا بارتفاع يبلغ نحو 5,895... بيئة -
رئيس وزراء مالي السابق يحاكم بسبب منشور تضامني مع معتقلي الرأي
تحرير : وداد وهبي أعلنت النيابة العامة في باماكو عن توجيه تهم رسمية إلى رئيس الوزراء المالي السابق موسى مارا، بتهمة... سياسة -
تنزانيا تتفوق على بوركينا فاسو في افتتاح بطولة إفريقيا للاعبين المحليين
تحرير: رضى الغزال افتتح منتخب بوركينا فاسو مشاركته في بطولة إفريقيا للاعبين المحليين "شان 2024" (النسخة المؤجلة)، بهزيمة واضحة أمام منتخب... رياضة -
إريتريا: التوازن بين العزلة الإقليمية والدور الجيوسياسي في القرن الأفريقي
بقلم: صفاء فتحيتعتمد إريتريا نهجا خارجيا قائما على الابتعاد عن الانخراط في التحالفات الإقليمية التقليدية، ما منحها هامشا أوسع للحفاظ... رأي