أزمة الديون في بعض الدول الإفريقية وتأثيرها على التنمية
تحرير: عمر قادر
تواجه العديد من الدول الإفريقية في السنوات الأخيرة تصاعدا ملحوظا في أعباء الديون، ما يهدد مسارات التنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. تعود جذور هذه الأزمة إلى حقبة الثمانينيات والتسعينيات، حين لجأت دول عدة إلى الاقتراض لتمويل خطط إصلاح هيكلي، بناء بنى تحتية، أو مواجهة أزمات غذائية وصحية متكررة. مع مرور الوقت، تزايد الاعتماد على التمويلات الخارجية، خصوصا من المؤسسات المالية الدولية والدائنين الثنائيين، وفي مقدمتهم الصين والدول الخليجية، لتغطية العجز المزمن في الموازنات.
أدى هذا التوسع في الاقتراض إلى ارتفاع معدلات خدمة الدين، حيث تخصص بعض الدول الإفريقية أكثر من 30% من إيراداتها العامة لتسديد فوائد وأقساط الديون، وهو ما يقلل من الإمكانيات الموجهة لبرامج التعليم، الصحة، والزراعة. ساهمت جائحة كوفيد-19 في تعميق هذه الأزمة، إذ اضطرت الحكومات إلى زيادة الإنفاق الاجتماعي لمواجهة تداعيات الجائحة، في وقت تراجعت فيه الإيرادات جراء انخفاض أسعار المواد الأولية وتباطؤ التجارة العالمية. أشار تقرير صندوق النقد الدولي لسنة 2023 إلى أن حوالي 22 دولة إفريقية مصنفة في حالة مديونية حرجة أو معرضة لخطر كبير، ما يعكس هشاشة البنية المالية لهذه البلدان.
تؤثر أزمة الديون بشكل مباشر على خطط التنمية طويلة الأجل، إذ تضعف ثقة المستثمرين، وتدفع بعض الدول إلى تقليص الاستثمارات العمومية الضرورية في البنى التحتية، الطاقة، ومشاريع الابتكار. كما تعرقل إمكانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك مكافحة الفقر وتعزيز فرص العمل. في المقابل، تعتمد بعض الدول على إعادة جدولة الديون أو التفاوض للحصول على إعفاءات جزئية، وهي خطوات قد توفر هامشا محدودا لكنها تظل رهينة شروط سياسية واقتصادية تفرضها الجهات المانحة.
ينبغي على الحكومات الإفريقية إعادة النظر في نماذجها الاقتصادية والمالية، وتوجيه الجهود نحو تنويع مصادر الدخل، تعزيز الاكتفاء الذاتي الغذائي، وتطوير قطاعات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة والصناعات التحويلية. يمكن أيضا استغلال الشراكات الإقليمية والقارية، مثل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، لدعم التجارة البينية وتحفيز النمو. في الوقت نفسه، يفرض الوضع ضرورة تحسين الحوكمة المالية ومكافحة الفساد لضمان توجيه الموارد بفعالية نحو القطاعات الإنتاجية.
تعكس أزمة الديون الحالية معادلة معقدة بين الحاجة الملحة للتنمية والقيود المالية المتراكمة. إذا استطاعت الدول الإفريقية توظيف هذه الأزمة كفرصة لإعادة هيكلة سياساتها المالية وبناء اقتصاد أكثر مرونة واستدامة، فقد تنجح في تحويل مسارها التنموي وتجنب مزيد من الأزمات مستقبلا. يظل تحقيق هذا الهدف رهينا بقدرة القيادات على اتخاذ قرارات جريئة، وتفعيل إصلاحات شاملة، مع الحفاظ على التوازن بين الوفاء بالالتزامات المالية وتلبية احتياجات المواطنين الأساسية.
-
اليونسكو تدعم التراث الإفريقي بإدراج مواقع جديدة ورفع التهديد عن أخرى
تحرير: ماهر الرفاعيشهدت القارة الإفريقية خلال اجتماع لجنة التراث العالمي في باريس خطوات بارزة على صعيد حماية إرثها الثقافي والطبيعي،... ثقافة -
تفاقم الديون.. مقترحات صندوق النقد الدولي للدول الإفريقية
تحرير: محمد المكوديتطرق تقرير جديد، من إعداد خبراء لدى صندوق النقد الدولي، لمشكلة الديون في الدول الإفريقية، مقترحا السبل الكفيلة... إقتصاد -
الاتحاد الافريقي يضع كرامة المواطن في صلب مواجهة الفساد
تحرير: عمر قادرشهدت القارة الافريقية احياء اليوم الافريقي لمكافحة الفساد الخميس الماضي، حيث دعا رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي محمود علي... أفريقيا -
العجز التجاري التونسي يعرف ارتفاعا
تحرير: محمد المكوديعرف العجز التجاري التونسي ارتفاعا بنسبة 24% خلال النصف الأول من عام 2025، إذ بلغت قيمته 3.4 مليار... شمال أفريقيا -
جنوب إفريقيا تنتقد “الاستخراج الاستغلالي للموارد المعدنية الإفريقية”
تحرير: أفريكا آيانتقدت جنوب إفريقيا على لسان وزيرها للعلاقات والتعاون ما تسميه "الاستخراج الاستغلالي للموارد المعدنية"، كما دعت مجموعة العشرين... إقتصاد -
ليبيريا توقع اتفاقا ضخما لتطوير شبكة السكك الحديدية ونقل خام الحديد من غينيا
تحرير: عمر قادرأعلنت ليبيريا توقيع اتفاق بقيمة 1.8 مليار دولار مع شركة “إيفانهوي أتلانتيك” الأمريكية، يهدف إلى إعادة تأهيل وتشغيل... أفريقيا