مغامرة دبلوماسية فاشلة: كيف انهارت مهمة أمريكية سرية لإبرام صفقة بين ترامب والكونغو؟

مغامرة دبلوماسية فاشلة: كيف انهارت مهمة أمريكية سرية لإبرام صفقة بين ترامب والكونغو؟

تحرير : وداد وهبي

في شهر مارس الماضي، وصل ثلاثة مبعوثين أمريكيين غير رسميين إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية في مهمة معقدة تهدف إلى إطلاق سراح ثلاثة أمريكيين محكوم عليهم بالإعدام، مقابل موافقة الرئيس دونالد ترامب على صفقة استراتيجية تمنح واشنطن امتيازات في قطاع المعادن مقابل ضمانات أمنية للكونغو. لكن في غضون 48 ساعة فقط، انتهت المهمة بشكل فوضوي، بعد أن أصبح أعضاء الوفد مهددين بالاعتقال، مما أجبرهم على الفرار بشكل دراماتيكي.

دخل المبعوثون، وهم رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي موتي كاهانا، ودبلوماسي أمريكي سابق، وجندي من القوات الخاصة حامل لعدة أوسمة، إلى البلاد بدعم محدود من وزارة الخارجية الأمريكية، وبتزكية غير مباشرة من إدارة ترامب، وفق ما نقلته وكالة رويترز عنهم. غير أن مهمتهم سرعان ما اصطدمت بـتحديات أمنية في منطقة الساحل الإفريقي، بدأت بشكوك مستشار الرئيس للأمن القومي خلال اللقاء الأول، وتفاقمت بعد حادث إطلاق نار ليلي داخل قاعدة عسكرية، أثار مخاوف من وجود تهديد محتمل لقصر الرئاسة.

ورغم محاولة أحد المبعوثين، ستيوارت سيلدوفيتز، استدعاء معارفه في السفارة الأمريكية لإنقاذ الموقف، إلا أن الوضع قد تفاقم عندما ظهر الجنرال فرانك نتومبا—الذي سبق أن اتهمه كاهانا بمحاولة انقلاب—ليطالب بجوازاتهم، ما دفع السفارة للتدخل وتهريبهم إلى مطار كينشاسا.

تكشف الحادثة جانبا مثيرا من طريقة إدارة ترامب للملفات الخارجية، بعيدا عن البروتوكولات الكلاسيكية، وبمنطق “الصفقات المباشرة”. وقد وصفها خبير في العلاقات الدولية بأنها تجسيد لطريقة ترامب “التبادلية البحتة” في السياسة الخارجية، حيث تتحول قضايا حقوق الإنسان والأمن القومي إلى أوراق مقايضة.

وعلى الرغم من فشل المهمة آنذاك، إلا أن آثارها قد ظهرت فيما بعد، إذ تم تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق الأمريكيين الثلاثة إلى السجن المؤبد في أبريل، قبل أن يتم ترحيلهم إلى الولايات المتحدة، حيث وجهت إليهم تهم تتعلق بمحاولة انقلاب في الكونغو. وقد أكد ستيوارت، المبعوث الخاص لشؤون الرهائن في إدارة ترامب، أن “هذا ما كنا نهدف إليه منذ البداية”.

في شهر يونيو المنصرم، أبرمت كينشاسا وكيغالي اتفاق سلام برعاية أمريكية، تضمن ترتيبات أمنية في شرق الكونغو وهو إقليم غني بالمعادن. وقد علق الرئيس دونالد ترامب لاحقا قائلا: “لقد حصلنا، نحن الأمريكيين، على الكثير من حقوق التعدين من الكونغو كجزء من الصفقة”، في تصريح يجسّد بوضوح كيف يؤثر الفساد على النمو في غرب إفريقيا، ويفسر جزئيًا سعي القوى الكبرى لإعادة تموضعها عبر قنوات غير تقليدية.

وفي ضوء تحليل للانتخابات القادمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يبدو أن الرئيس فيليكس تشيسيكيدي يعيد رسم خارطة الأولويات الأمنية والاقتصادية لبلاده، بما يتماهى مع موجة الدعم الغربي، وعلى رأسها واشنطن في عهد ترامب. وفي الوقت الذي يتزايد فيه الزخم الدولي نحو مشاريع تنمية مستدامة في شمال إفريقيا ودول الساحل، تظهر الولايات المتحدة عازمة على تأمين سلاسل إمدادها الاستراتيجية من المعادن، مستخدمة أدوات تتجاوز الإطار الدبلوماسي التقليدي نحو ما يشبه دبلوماسية المعاملات المباشرة.

 

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض