استراتيجية ترامب ومصالح موريتانيا
محمد زاوي
ربما تَفاجأ البعض بالدعوة التي وجهها دونالد ترامب لموريتانيا، رفقة أربع دول إفريقية أخرى هي غينيا بيساو وليبيريا والغابون والسنغال. وربما تساءل البعض: ما الذي تستطيع موريتانيا تقديمه لإدارة أمريكية جديدة محكومة بمنطق التجارة وتبادل الربح أكثر من أي منطق آخر؟ يجب الانتباه أولا إلى أن جميع الدول الإفريقية المستضافة من قبل ترامب في البيت البيضاوي تنتمي إلى مجال المحيط الأطلسي، أي أنها واجهات أطلسية تربط المحيط وما وراءه (الولايات المتحدة الأمريكية) بالقارة الإفريقية. ويجب الانتباه أيضا إلى أن جميع هذه الدول تتوفر على ثروة معدنية مهمة، ومنها المعادن النادرة المستعملة في الصناعات الطاقية والكهربائية والتكنولوجية المتقدمة.
أما المشترك الثالث بين هذه الدول فهو كونها جميعا لا تستطيع الاستفادة بما يكفي من ثرواتها المعدنية، لضعف إمكاناتها اللوجيستيكية وقدراتها التقنية والتكنولوجية؛ وهو ما سيوفره دونالد ترامب، لكن بمقابل. فما هو هذا المقابل؟ وهل تستطيع موريتانيا أداءه؟ يُستبعَد أن يخرج المقابل بالنسبة لترامب عن ثلاثة أهداف أمريكية أساسية هي: حصة مقدَّرة في الاستثمار والمعادن، سحب البساط تحت أقدام الاستثمارات والمصالح الصينية، إيجاد سوق لغوية وثقافية على أنقاض الأسواق المنهارة (الفرنكوفونية على وجه الخصوص) تمهيدا لمواجهة السوق الصينية. تدبير موريتانيا لهذه الأهداف محكوم بعدة اعتبارات، من أبرزها علاقاتها التاريخية (مع فرنسا مثلا)، وكذا مصلحتها في تنويع الشراكات وعدم الخضوع لأي طرف خارجي على حساب الآخر وإن كان التقدير النهائي لا يخلو من تأثير الضغوط المتبادلة بين الرأسماليات الكبرى.
يجب على موريتانيا أن تلج هذا الغمار المفروض عليها، ذاتيا وموضوعيا، بعد تحديد مقدراتها وحاجاتها تحديدا دقيقا. فإنها إذا كانت من جهة تتوفر على مقدرات اقتصادية مهمة، من قبيل الثروة السمكية وتربية المواشي واستخراج المعادن (الحديد والذهب خاصة، وكذا بعض المعادن النادرة كالرمال السوداء)، فإن اقتصادها يعاني من مشكل الاهتمام بالصناعات الاستخراجية على حساب الصناعات التحويلية. في حين أن التنمية الاقتصادية لا تقاس بعائدات المواد المستخرجة من باطن الأرض، وإنما من القدرة على استثمارها وتحويلها إلى رأسمال وطني. ويبدو، في هذه المسألة، أن التجارب الخليجية كانت أكثر نجاعة في تدبير مواردها المعدنية إذا ما قورنت بدول أخرى، كالجزائر وموريتانيا، ولو أن هذه الأخيرة ما تزال في بداية عملها الاستخراجي. (راجع دراسة “معالم الاقتصاد المغاربي بعد فوز ترامب” لصاحب المقال)
تعاني موريتانيا من ضعف كبير في الخبرات التقنية الضرورية لإقامة صناعات تحويلية تحول دون ضياع ثرواتها السمكية والفلاحية والمعدنية في ظل ضعف القدرة الاستيعابية لدى الاقتصاد الموريتاني. هذه الحاجة تجعل من موريتانيا سوقا واعدة وخصبة للاستثمار الأجنبي، بما في ذلك الأمريكي منه، والمدني منه على وجه الخصوص (الزراعات والصناعات المدنية لا العسكرية). إلا أن موريتانيا لا تسعى إلى الانفتاح على الرأسمال الأمريكي وحده، بل تربط علاقات بباقي الرأسمالات، كالصيني والروسي والأوروبي والمغربي الخ. وهذه سياسة مفيدة لموريتانيا، لاعتبارين: لأنها من جهة غير قادرة على استيعاب وفرملة مصالح رأسمال ضخم كالرأسمال المدني الأمريكي، ولأنها من جهة ثانية في حاجة إلى الموازنة بين حاجتها إلى الاستثمارات وحاجة أخرى إلى حفظ أكبر قدر من سيادتها الاقتصادية. (نفس المرجع)
إن موريتانيا، في علاقتها بالسياسة الأمريكية الجديدة (وهي سياسة اقتصادية أساسا)، مطالبة بما يلي: أولا: الانفتاح على الإمكانات الهائلة للرأسمال الصناعي المدني في حدود ما يحفظ سيادتها الاقتصادية وعلاقتها بباقي الرأسمالات؛ ثانيا: وضع شروط مدروسة للاستثمار الأجنبي على إقليمها وباعتماد ثراوتها؛ ثالثا: الانفتاح على رأسمالات متعددة بما فيها تلك الصغيرة والمتوسطة لأنها غير قادرة بما يكفي على استيعاب الرأسمالات الكبرى دون إضرار بمستقبلها الاقتصادي؛ رابعا: تأهيل رأسمالها الوطني بما يعنيه ذلك من تنمية لقوى إنتاجه التكنولوجية والمالية والعمالية عن طريق الاستفادة من الرأسمالات الأجنبية وإمكاناتها؛ خامسا: تأسيس شركات وطنية إلى جانب الاستثمارات الأجنبية، ولو بعد مدة، حتى لا تبقى تلك القطاعات حكرا على الرأسمال الأجنبي؛ سادسا: الاستثمار في موقعها الاستراتيجي بحكم أنها ممر إلى المحيط الأطلسي باتجاه غرب القارة الإفريقية، وإلى الجنوب باتجاه إفريقيا، وإلى الشمال باتجاه أوروبا، وإلى الشرق باتجاه المشرق العربي وآسيا.. هذا موقع استراتيجي يجب أن تستثمره موريتانيا جيدا. (نفس المرجع)
إلى أي حد تستطيع موريتانيا تدبير هذه التناقضات في شرط اقتصادي وسياسي معقّد، وفي ظل احتدام التنافس الرأسمالي على سوقها الاستثماري وثرواتها الخام؟ هذا ما سيسفر عنه مستقبلها الاقتصادي المتوسط والبعيد.
-
غانا.. مكافأة لكل مواطن يُبَلِّغ عن الاتجار غير القانوني بالذهب
تحرير: محمد المكوديتداولت وسائل إعلام غانية تخصيص الدولة مكافأة لكل مواطن يبلّغ عن أب نشاط غير قانوني متعلق بالذهب، وذلك... إقتصاد -
ترامب يفرض قيودا جديدة على تأشيرات الكاميرون وإثيوبيا وغانا ونيجيريا
تحرير: أفريكا آيلم تنته سياسة الضغط الأمريكي على عدد من الدول الإفريقية بطريقة استقبال الرئيس ترامب لنظيره الجنوب إفريقي، وبمطالبة... إقتصاد -
جيبوتي: بوابة لوجستية استراتيجية في قلب القرن الإفريقي
تحرير: صفاء فتحيتحتل جيبوتي موقعا استراتيجيا بارزا كمركز لوجستي رئيسي في منطقة القرن الإفريقي، حيث تسيطر على ممرات بحرية حيوية... القرن الإفريقي -
shell تحصل على ترخيص للتنقيب عن النفط في أعماق سواحل جنوب إفريقيا الغربية
تحرير: وداد وهبي في خطوة قد تعيد رسم خارطة الطاقة بجنوب القارة، أعلنت شركة شل (Shell) يوم أمس الجمعة حصولها على... إقتصاد -
الاتحاد الأوروبي يدرج الجزائر في القائمة السوداء لمخاطر تمويل الإرهاب وتبييض الأموال
تحرير: رضى الغزالأدرج الاتحاد الأوروبي الجزائر رسميا ضمن قائمة الدول عالية الخطورة في مجال تبييض الأموال وتمويل الأنشطة الإرهابية، استنادا... مكافحة التطرف والإرهاب -
زيمبابوي تحقق تقدما في مجال التكنولوجيات النظيفة
تحرير: محمد المكوديتعرف دولة زيمبابوي تقدما ملحوظا في مجال التكنولوجيات النظيفة، خاصة تلك المرتبطة بمادة الليثيوم التي تمتلك البلاد أكبر... إقتصاد