سوق الأقنعة في بوركينا فاسو: تقليد متجذر وهوية ثقافية

تحرير: رضى الغزال

يعتبر سوق الأقنعة في بوركينا فاسو من أبرز المعالم الثقافية في البلاد، ويجتذب الزوار والمهتمين بالتراث الإفريقي من داخل وخارج إفريقيا. يقع أشهر هذه الأسواق في العاصمة واغادوغو وفي مدينة بوبو ديولاسو، حيث تعرض عشرات الأقنعة الخشبية التي تعكس تنوع القبائل البوركينابية وثراء رموزها الثقافية.

تصنع الأقنعة يدويا من الخشب، وغالبا ما يستخدم خشب الشجرة المحلية المعروفة باسم “كوسيا”. وتزيّن الأقنعة بألوان ورسومات مميزة، ويستغرق صنع القناع الواحد ما بين عدة أيام إلى أسابيع حسب التعقيد والزخرفة. لكل قناع دلالة خاصة، إذ يستخدم في الطقوس الدينية، والمهرجانات، والاحتفالات الشعبية. بعض الأقنعة تمثل الأرواح والأسلاف، وأخرى ترمز للحماية أو طلب البركة والخصوبة، خاصة في مواسم الزراعة.

تنتشر في بوركينا فاسو أكثر من ستين مجموعة عرقية، مثل قبائل بوبو، وموسى، وسامو، وكل قبيلة لها تصاميمها وأنماطها الفريدة. صناعة الأقنعة تقليد متوارث منذ مئات السنين، ويحتفظ الحرفيون بكثير من أسراره. يقول أحد الحرفيين في سوق واغادوغو: “كل قناع يحمل قصة وقيمة روحية ولا يُصنع فقط من أجل البيع”. ورغم الإقبال السياحي في السنوات الأخيرة، يحرص الصناع المحليون على عدم كشف كل تفاصيل الحرفة أو بيع بعض الأنواع المخصصة للاحتفالات القبلية.

تشير تقديرات المنظمات الثقافية المحلية إلى أن صادرات المنتجات الحرفية، وعلى رأسها الأقنعة، تسهم بنسبة ملحوظة في دخل العديد من الأسر وتوفر فرص عمل للشباب. لكن شهرة الأقنعة في الأسواق تثير أيضا مخاوف من فقدان المعنى الأصلي، إذ يحذر بعض المثقفين من أن بيعها للسياح قد يفرغها من بعدها الثقافي والديني.

يبقى سوق الأقنعة في بوركينا فاسو مساحة يلتقي فيها الفن بالتقاليد، ويحافظ من خلالها المجتمع على جزء من هويته رغم تحديات الحداثة والسياحة.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض