“لوروبيني”… مدينة حجرية مهجورة تحكي تاريخ بوركينا فاسو المنسي

تحرير: صفاء فتحي

تحكي مدينة لوروبيني الحجرية في بوركينا فاسو قصة حضارة قديمة ظلت غامضة وغير معروفة لفترة طويلة خارج حدود إفريقيا الغربية. شيدت هذه المدينة في القرون الوسطى باستخدام كتل حجرية ثقيلة رصت بعناية لخلق هياكل معمارية تعكس مهارات بنائيها وروح المجتمعات التي عاشت هناك. رغم بساطتها الظاهرية، تكشف بقايا هذه المباني عن تنظيم اجتماعي متقدم، يعتقد أنه كان قائما على أنظمة سياسية وروحانية معقدة، في زمن كانت فيه المنطقة تتقاطع فيها طرق التجارة العابرة للصحراء.

أدرجت اليونسكو لوروبيني ضمن قائمة التراث العالمي سنة 2009، تقديرا لقيمتها الثقافية والتاريخية النادرة. وتعد المدينة أحد الشواهد القليلة المتبقية على المجتمعات الزراعية المستقرة في غرب إفريقيا قبل انتشار الاستعمار الأوروبي، حيث ارتبطت بأساطير محلية وممارسات دينية ومجتمعية شكلت هوية سكان المنطقة. هذه المدينة المهجورة لا تكتفي بتقديم لمحة معمارية، بل تحافظ أيضا على أسرار الطقوس اليومية، العلاقات التجارية، والتحالفات الإقليمية، مما يتيح للباحثين فرصة استثنائية لفهم التحولات التاريخية والاجتماعية في بوركينا فاسو والمنطقة ككل.

تعكس لوروبيني اليوم تحديات الحفاظ على التراث في مواجهة التغيرات المناخية، نقص الموارد، والاهتمام المحدود بالبحث الأثري في إفريقيا. في هذا الإطار، يطرح مستقبل هذه المواقع أسئلة ملحة حول كيفية توثيق وصون الذاكرة الجماعية، وحول دور المجتمع الدولي في حماية التراث الإفريقي المنسي. فهل ستنجح الجهود المحلية والدولية في إنقاذ هذه الشواهد قبل أن يطويها النسيان؟

 

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض