أديان القارة الإفريقية (الحلقة 2): قبائل إفريقية تؤمن بـ”تعدد الأنفس”

تحرير: محمد زاوي

تنتشر عقيدة “تعدد الأنفس” بين عدة قبائل إفريقية كقبائل: “بامبارا”، و”دوجون”، و”ماندانج”، و”لوبي”، و”الفون”، و”أشانتي”، “أوروبا”، و”ايفا”، و”سارا”، و”أوبانجي”، و”الكيماويو”، و”السوازى”، الخ. (هوبير ديشان، الديانات في إفريقيا السوداء)

ويحضر “تعدد الأنفس” عند هذه القبائل بثلاثة معانٍ:

-النفس المزدوجة:

كما هي عند السودانيين، وعند قبائل “بامبارا بالذات”، حيث “تعتقد (هذه القبائل) بوجود نسمة مزدوجة لكل إنسان: النفس (ني)، وثانيا التوأم (ديا)”. وإذا كانت نسمة (ني) هي نفس الإنسان، فإن نسمة (ديا) تعني “توأم الإنسان، فإن كان ذكرا فتوأمه أنثى، والعكس” (نفس المرجع، ص 14).

تعبر هذه العقيدة عن وعي ديني قديم لدى الإنسان لا يرى فيه نفسه إلا مزيجا من قوتين، أو مركبا من جنسين. وهي عقيدة بقدر ما توجد لدى الإنسان قابليات لها، بقدر ما يستمدها مما توحي به الطبيعة أساسا. الزوجية أو الازدواج خاصية طبيعية، يشهدها الإنسان في نفسه كما يشهدها في محيطه. ولذلك لطالما كانت أساسا لطموحه الغيبي المتجاوِز، وظلت ملازمة لكافة الأديان بمختلف مرجعياتها (أرضية أو سماوية).

-النفس الثلاثية:

كما هي عند قبائل “أوروبا” التي تعتقد وجود ثلاث أنفس، من بينها “نفس تسمى نفس الطير وتفارق البدن وقت السبات، ويمكن اقتناصها عن طريق السحر” (نفس المرجع، ص 18). ويبدو أن هذا الاعتقاد من بقايا التفكير”البدائي” في ظاهرة النمو، وهو ما عبّر عنه في معتقدات أخرى لاحق ب”بمفارقة الروح مؤقتا لجسد النائم قبل أن تعود إليه عند الاستيقاظ”.

هذا و”أشد ما يخشاه سكان (قبائل أخرى) في أعالي نهر الزمبيري ثلاثة أنواع من الأرواح المعتدية هي: روح من ناله أذى من شخص آخر، وروح ميت من السلف إذا أهمِلت الشعائر الدينية الواجبة له، أو إذا أهدِرت محرماته، وروح ميت امتصه الساحر من ثقب قبره؛ إذ يقلب الساحر أوضاع معدته وأعضائه، ومنذئذ يستخدم الساحر روح هذا الميت في أغراضه” (نفس المرجع، ص 20). إنها أرواح بعيدة، خارج جسد الإنسان الذي يفكر فيها، إلا أنها بالتفكير فيها تحل في هذا الجسد وتصبح جزءا منه، أي تصبح نفسا له حسب تبدل الأحوال.

-النفس الرباعية:

تعتقدها -مثلا- قبائل “أشانتي” في ساحل الذهب، حيث الإيمان بامتزاج أربع أنفس في الفرد الواحد تسمى “نسمات”: “نسمة من الأم، ونسمة من الأب، ونسمة إلهية من عند الله وتعود إليه، ونسمة الطباع أو الشخصية الخلقية” (ص 17-18).

وهذا -حسب ما يظهر من تركيبه- اعتقاد “متقدم” من ثلاث جهات: من جهة إرجاع الفرع إلى أصله (الأم/ الأب)، وربط الحياة بعالم آخر غيبي (بداية التجريد والتسامي)، والإقرار بذاتية الفرد وقدرته.

 

 

 

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض