دور الصناعة التقليدية في تعزيز التنمية المحلية بإفريقيا

تحرير: عمر قادر

تحولت الصناعة التقليدية في العديد من دول إفريقيا إلى مورد اقتصادي حيوي، يساهم في تعزيز التنمية المحلية وتوفير فرص عمل لشرائح واسعة من السكان، خاصة في المناطق الريفية. وتبرز هذه الصناعات، التي تشمل الحرف اليدوية، الفنون الشعبية، والمنسوجات التقليدية، كأحد روافد الاقتصاد غير المهيكل الذي يمثل نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي في القارة.

توظف هذه الحرف مهارات متوارثة تنقل من جيل إلى آخر، وتشكل في الوقت ذاته تعبيرا عن الهوية الثقافية والتنوع الإثني في إفريقيا. في المغرب مثلا، يعمل أكثر من 2.4 مليون شخص في مجال الصناعة التقليدية، حسب أرقام رسمية، ويشكل القطاع مصدرا مهما للدخل بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، كما أنه يسهم في تعزيز السياحة الثقافية.

في بلدان أخرى مثل مالي وبوركينا فاسو، تعتبر صناعة النسيج وصياغة الفضة من المهن الأساسية التي تمكن النساء من تحقيق استقلال اقتصادي نسبي، رغم التحديات المرتبطة بضعف التمويل وصعوبة الولوج إلى الأسواق الدولية. وتلعب بعض المبادرات المحلية والمنظمات غير الحكومية دورا في دعم هذه الفئة من الحرفيين من خلال التدريب والمساعدة التقنية.

ورغم الإمكانات التي تزخر بها هذه القطاعات، لا تزال الصناعة التقليدية تواجه عراقيل بنيوية تتعلق بالاعتراف القانوني بالحرفيين، غياب التغطية الاجتماعية، وتذبذب الطلب في الأسواق، بالإضافة إلى المنافسة الشرسة من المنتجات المستوردة زهيدة الثمن. وتعد محدودية سلاسل التوزيع، التسويق، وضعف الرقمنة من أبرز الإكراهات التي تعيق تطور الحرف التقليدية في عصر الاقتصاد الرقمي.

في المقابل، بدأت بعض الدول في تبني سياسات جديدة لدمج الصناعة التقليدية ضمن الخطط الوطنية للتنمية، من خلال توفير الدعم المؤسساتي، تشجيع الابتكار، والترويج للمنتجات المحلية عبر المعارض والمنصات الإلكترونية. وينتظر أن تساهم هذه الدينامية في تحفيز الاقتصاد المحلي وخلق قيمة مضافة من خلال تثمين الرأسمال البشري والمعرفي.

تشكل الصناعة التقليدية، إذا ما حظيت بالدعم الملائم، أداة فعالة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة في إفريقيا، عبر تعزيز التشغيل الذاتي، الحفاظ على الموروث الثقافي، وتثبيت السكان في مناطقهم، مما يقلص من الضغط على المدن الكبرى ويحد من الهجرة الداخلية والخارجية.