كتابات في الشأن الإفريقي (الحلقة 2): كتاب “اللغة العربية والثقافة الإسلامية بالغرب الإفريقي”/ د. عبد العلي الودغيري

تحرير: محمد زاوي

كتابات في الشأن الإفريقي/ الحلقة 2

كتاب “اللغة العربية والثقافة الإسلامية بالغرب الإفريقي: ملامح من التأثير المغربي”، تأليف عبد العلي الودغيري..

***

كتاب “اللغة العربية والثقافة الإسلامية بالغرب الإفريقي” لمؤلفه د. عبد العلي الودغيري، من أهم المؤلفات التي تناولت بالبحث المسألة الإسلامية في الغرب الإفريقي، خاصة وأن صاحبه كان قد عين رئيسا للجامعة الإسلامية بالنيجر، وهي الجامعة التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي. خبرة د. الودغيري وتجربته واطلاعه مكنه من إعداد دراسة مهمة في علاقة غرب إفريقيا بالإسلام واللغة العربية.

*المذهب والعقيدة في غرب إفريقيا:

يؤكد د. عبد العلي الودغيري انطلاقا من بحثه ودراسته أن الإسلام في غرب إفريقيا إسلام سني على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه المشهور بوسطيته واعتداله، وعلى العقيدة التوحيدية السلفية إلى عصر المرابطين والعقيدة الأشعرية ابتداء من عصر الموحدين. وكان المرابطين وفقهائهم ودعاتهم من المغاربة دور أساسي في تثبيت هذا المذهب السني وعقيدة التوحيد الصافية في نفوس الأفارقة. والعلماء الذين توافدوا على المنطقة من الشمال الإفريقي بعد ذلك وعلى مر العصور، كانوا جميعا من أصحاب هذا المذهب وهذه العقيدة، وحتى الفرق و المذاهب الصوفية التي انتشرت هنالك كانت فرقا سنية معتدلة كالسنوسية والزروقية والقارية والتيجانية”. (عبد العلي الودغيري، اللغة العربية والثقافة الإسلامية: ملامح من التأثير المغربي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، الطبعة الاولى، 2011، ص 18-19)

أهم ما يستنتَج من هذا الاقتباس أن الإسلام المنتشر في غرب إفريقيا إسلام سني في أصوله وامتداده، وهو سني على طريقة المغاربة كما يظهر من خلال الاختيارات المذهبية والكلامية السائدة هنالك.

*اللغة العربية في غرب إفريقيا:

إن من أبرز الدلالات على تأثر سكان غرب إفريقيا بعربية المغاربة: “وجود عشرات الألفاظ والأساليب التعبيرية التي نقلها المغاربة في جملة ما نقلوه من ثقافتهم وعاداتهم إلى السودان” (نفس المرجع، ص 32-33).

ولذلك فقد “أصبحت العربية في إفريقيا المسلمة (غرب إفريقيا وعموم إفريقيا) هي لغة الدين والتعليم بمختلف أطواره، ولغة التأليف والشعر والأدب وسائر العلوم، ولغة القضاء، والتعامل الإداري والمكاتبات التجارية والدبلوماسية، وغيرها من المعاملات التي يُحتاح فيها إلى التخاطب بالكتابة”. (نفس المرجع، ص 35)

وإن الأمر لم يقتصر فقط على اعتماد العربي تدينا وتعلما، بل أصبحت لها صحافة في عدد من دول غرب إفريقيا، كما أنها “أصبحت لغة من اللغات الوطنية المعترف بها دستوريا في بعض الدول مثل تشاد والنيجر”. (نفس المرجع، ص 122)

*العمران الإسلامي المغربي في غرب إفريقيا:

وقد أثر المغاربة في عمران إفريقيا الجنوبية أيضا. وخير مثال لذلك “أبو إسحاق إبراهيم الساحلي الذي كلف (من قبل سلطان مالي الحاج منسا موسى) بمهمة تطوير العمران السائد في جنوب المغرب وقتذاك، والقائم أساسا على الطين المضغوط بالخشب، والزخارف والنقوش والأصباغ الأندلسية المغربية التي اعتمد فيها على مواد محلية. فكان هذا النمط من العمران جديدا على أهل السودان، فنال إعجابهم وإكبارهم”. (نفس المرجع، ص 41)

*الحركة الإصلاحية في غرب إفريقيا:

تأثرت هذه الحركة بالتراث الإسلامي المغربي، وهذا ملامح بارز في مسيرة عثمان بن محمد فودي الفلاني الذي “بنى أسس دولة دامت مدة قرن كامل (1804-1903 م)”، وقد مهد لدولته بحركة إصلاحية دينية وثقافية واجتماعية وسياسية كبرى، شملت منطقة واسعة من غرب إفريقيا جنوب الصحراء” (نفس المرجع، ص 65).

وبالإضافة إلى مذهبه وعقيدته اللذيْن لم يكونا يختلفان عن مذهب وعقيدة عموم المغاربة، فقد تأثر ابن فودي مباشرة بشيوخ وفقهاء مغاربة هم: محيي الدين محمد بن عبد الكريم المغيلي، محمد بن محمد العبدري الفاسي (ابن الحاج)، الحسن بن مسعود اليوسي. (نفس المرجع، ص 65)

 

 

 

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض