التراث السوداني يواجه خطر الإبادة الثقافية وسط عمليات نهب واسعة للمواقع والمتاحف

تحرير: رضى الغزال

يشهد التراث الثقافي السوداني واحدة من أخطر موجات النهب والتخريب في تاريخه المعاصر، إذ أعربت منظمة اليونسكو عن قلقها العميق حيال تزايد الانتهاكات ضد الموروث الوطني في ظل الأوضاع الأمنية المضطربة. فقد طالت عمليات الاعتداء المتاحف والمواقع الأثرية والمجموعات الخاصة، مما أدى إلى فقدان آلاف القطع النادرة في ظل محاولات مستمرة لمحو ملامح الهوية السودانية وذاكرة الشعب.

وتوضح إخلاص عبد اللطيف، مديرة المتاحف في الهيئة الوطنية للآثار بالسودان، أن العديد من المتاحف شهدت عمليات نهب وتخريب شاملة، من بينها المتحف الوطني في الخرطوم الذي فقد غالبية محتوياته، خاصة بعد نقل القطع الأثرية إلى صناديق حماية ضمن ترتيبات للترميم قبل اندلاع النزاع، مما جعلها عرضة للسطو. ولم تقتصر الخسائر على العاصمة فقط، بل شملت أيضا متاحف في مناطق دارفور مثل متحف نيالا ومتحف الجنينة، إضافة إلى متاحف خاصة مثل متحف السلطان بحر الدين الذي فقد مقتنياته التي تعكس هوية وتاريخ الإقليم.

وتتواصل جهود اللجان المتخصصة في حصر الخسائر وتوثيق القطع المفقودة، سعيا للحفاظ على ما تبقى من التراث واستعادة ما يمكن من الكنوز المنهوبة. وبينما لم تظهر حتى الآن مؤشرات على بيع هذه الآثار في الأسواق أو المزادات الإلكترونية، يتزايد القلق بشأن مصيرها، لا سيما مع نشاط شبكات تهريب القطع عالية القيمة. وتؤكد إخلاص عبد اللطيف أن العمل يجري بشكل منسق بين الهيئة الوطنية للآثار والجهات القضائية والأمنية، إلى جانب التعاون المستمر مع الإنتربول ومنظمات دولية مختصة، من أجل وقف تهريب الآثار واستعادة المفقود منها.

وتؤكد إدارات المتاحف والمؤسسات الثقافية في السودان أن ما يجري لا يمثل فقط عمليات نهب عشوائي، بل يشكل خطرا حقيقيا يهدد الهوية الوطنية. كما تدعو المجتمع الدولي والمنظمات الأممية إلى تعزيز الجهود المشتركة لحماية التراث السوداني ومنع الاتجار غير المشروع بالقطع التاريخية، معتبرة الحفاظ على هذا الموروث مسؤولية إنسانية عالمية تتجاوز حدود السودان.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض