علماء أفريقيا في كيغالي: القيم الأخلاقية في الإسلام ركيزة للسلم المجتمعي

تحرير: وداد وهبي

في أجواء علمية وروحية رفيعة، احتضنت العاصمة الرواندية كيغالي يوم أمس السبت، الندوة العلمية الأولى من نوعها في شرق أفريقيا، والتي نظمتها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحت شعار: “القيم الأخلاقية في الإسلام وأثرها على السلم المجتمعي في أفريقيا”. وقد شارك في هذا اللقاء علماء من مختلف أنحاء القارة، مؤكدين أن الأخلاق الإسلامية تمثل ركيزة أساسية لترسيخ السلم الأهلي ومواجهة التحديات الاجتماعية.

وفي كلمته الافتتاحية، شدد محمد رفقي، الأمين العام للمؤسسة، على ضرورة مواءمة الخطاب الديني مع واقع المجتمعات المعاصرة، مشيرا إلى أن الهدف من الندوة هو “التركيز على ما ينبغي استخلاصه من تعاليم الدين من أجل حماية مجتمعاتنا، وتعزيز التعايش السلمي بين الأعراق واللغات”.

وأشار رفقي إلى النموذج الرواندي، مبرزا كيف أن بلدا عانى من مآس كبرى مثل الإبادة الجماعية، استطاع أن يعيد بناء ذاته على أساس القيم الأخلاقية والمصالحة. وأضاف: “هذه القيم تمثل جوهر الرسالة التي يضطلع بها العلماء الأفارقة.

ومن جانبه، قدم الشيخ موسى سيندايغايا، مفتي رواندا، شهادة مؤثرة عن تاريخ الإسلام في بلده، مؤكدًا أن دخول الإسلام لم يكن عبر المواعظ بل عبر السلوك القويم للتجار العرب والهنود الأوائل، الذين جسدوا قيم الأمانة والعدالة.

وخلال ندوته، أشار المفتي إلى دور المسلمين خلال إبادة 1994، موضحا أن معظمهم رفضوا الانخراط في أعمال القتل، بل إن الكثيرين منهم حموا الفارين، “انطلاقا من المبادئ الإنسانية الراسخة في الإسلام”، كما قال.

وأشاد المفتي بانخراط المسلمين اليوم في المجتمع الرواندي، مؤكدا أن شكر ولاة الأمور على اعتمادهم نهجا شاملا ومصالحا يعكس تعليما نبويا أصيلا: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”.

 وقد شكلت فئة الشباب محورا رئيسيا للنقاشات، باعتبارها الفئة الأوسع في القارة، حيث يمثل من هم دون الخامسة والعشرين أكثر من 60% من السكان. ودعا المشاركون إلى إعادة توجيه الخطاب الديني نحو الشباب، من أجل غرس قيم التسامح والاحترام والإنسانية.

وقال رفقي: “لا يمكن أن يظل الخطاب الديني جامدا، بل يجب أن يتطور ليستجيب لتحديات الحاضر”، داعيًا العلماء إلى مرافقة الأجيال الصاعدة بخطاب عقلاني وواقعي.

وفي ختام الندوة، دعا المنظمون إلى جعل هذا الحدث نقطة انطلاق لحركة دينية إصلاحية داخل أفريقيا، تهدف إلى نشر إسلام منفتح و أصيل ومتجذر في الواقع المحلي. وتم التأكيد على أهمية التنسيق بين المؤسسات الدينية وصانعي القرار والمجتمع المدني لإرساء سلام مستدام قائم على العدل والأخوة والتربية.

وفي قارة تتقاطع فيها الأديان واللغات والثقافات، يمكن للقيم الأخلاقية الإسلامية أن تكون أداة فعالة لبناء وحدة قارية قائمة على التفاهم والتعاون.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض