“الثروة الخضراء”.. مستقبل القارة الإفريقية في السوق الدولية للطاقة
محمد زاوي
يعرف العالم تحولات جيوسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وديمغرافية، بل وفلسفية وأخلاقية دينية الخ. ومن هذه التحولات يعرف العالم تحولا طاقيا انتبهت إليه الدول الكبرى كالصين والولايات المتحدة الأمريكية واليابان والهند وألمانيا منذ لا أقل من عقدين من الزمن. وقد كان هذا الانتباه محكوما بعدة عوامل لعل من أبرزها:
-تراجع مصادر الطاقة الأحفورية وقابليتها التراجع أكثر مع مرور الزمن الطاقي، وهو ما يهدد الدول المنتجة وغير المنتجة لهذا النوع من الطاقة، والحديث هنا عن النفط والغاز الطبيعي والفحم.
-الخسائر الاقتصادية الناجمة عن كل تنافس طاقي ناتج عن تناقضات جيوسياسية أو صراعات عسكرية تخرج ورقة الضغط بالطاقة، خاصة بالبترول والغاز إلى العلن. وهو ما شهدنا بعض أمثلته في الحرب الروسية الأوكرانية وحرب الشرق الأوسط.
-تقدم العلوم والتكنولوجيات والتقنيات المواكبة للتحولات الطاقية الجديدة، فقد كان وما زال لهذه العلوم دور في اكتشاف الطاقات البديلة وكيفية توظيفها وربطها بسلاسل الاقتصاد القائمة.
-رغبة الرأسمال الدائمة في الرفع من فائض القيمة وأرقام الربح، وهو ما قد توفره الطاقات الجديدة التي تعفي هذا الرأسمال من مصاريف نقل البترول والغاز وتكريرهما الخ، أي أنها تعفيه من حصص كبيرة من الرأسمال الثابت الذي ينفقه في مختلف البنيات الإنتاجية التي تحتاج الطاقة.
في ظل هذا التحول الطاقي، انتبهت دول عديدة إلى أهمية الهيدروجين الأخضر، لا من جهة سلامته البيئية والمناخية فحسب، وإنما أيضا من قدرته على تجاوز الضغط الطاقي الأحفوري وتقليص التكاليف المالية الناتجة عنه. هذا ما يفسر انكباب عدد من الدول على الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، ومن أمثلتها أستراليا وإسبانيا والسعودية واليابان الخ. وهنا يجب طرح سؤال لا بد منه: ما حظ الدول الإفريقية من هذه الدينامية الطاقية الجديدة؟ وإلى أي حد تستطيع هذه الدول إيجاد موطئ قدم في مستقبلها القريب أو المتوسط أو البعيد؟
يجب أن ننتبه أولا إلى أن مشاريع الهيدروجين الأخضر في القارة الإفريقية لن تكتفي بتغيير الموقع الطاقي للقارة على المستوى الدولي فحسب، بل سيكون لها تأثير على ميزان القوى الطاقي داخل القارة نفسها. وهذا ما يمكن ملاحظته بالنظر إلى الدول المستثمرة في الهيدروجين الأخضر، وتلك المتأخرة إلى هذا الحد أو ذاك عن ورشه الواعد. من شأن هذه الملاحظة أن تؤكد النتيجة التالية: تأخر الدول النفطية والغازية عن ورش مشاريع الهيدروجين الأخضر، والحديث هنا عن نيجيريا والجزائر وأنغولا وليبيا والغابون والكونغو برازافيل وتنزانيا وموزمبيق الخ؛ وفي المقابل تتقدم دول إفريقية أخرى غير نفطية (أو واعدة في مشاريع النفط والغاز) في مشاريع الطاقات البديلة ومن أبرزها الهيدروجين الأخضر، والحديث هنا عن جنوب إفريقيا وناميبيا والمغرب وموريتانيا. الاستثناء الوحيد في هذه الملاحظة الأولية هو دولة مصر التي تعتبر من الدول النفطية والغازية (على الأقل إفريقيا)، لكنها تخصص حيزا قرارها الطاقي-الاقتصادي لتطوير الاستثمار في الهيدروجين الأخضر.
إننا أمام نوع من الاختلاف الذي يجب أن يستحيل تكاملا بين خبرتين، خبرة في الطاقات الأحفورية وأخرى في الطاقات البديلة؛ وذلك تفاديا لتصدير الطاقة الأحفورية خارج القارة بأسعار محكومة بتفاوت سوق العملة، وكذا تفاديا لاستيراد الخبرة في الطاقات البديلة من خارج القارة بأسعار باهظة محكومة بتفاوت سوق التكنولوجيا والخبرات التقنية. وعكس ذلك، فمن شأن التبادل الإفريقي-الإفريقي أن يحقق غايتين هما: تقليص أسعار التبادل من جهة، وتعزيز قوى الإنتاح الأحفورية والبديلة في القارة الإفريقية. فمثلا من شأن التعاون بين المغرب ونيجيريا أن يساهم في تحقيق هاتين الغايتين، بحيث تستفيد نيجيريا من خبرة المغرب في الطاقات البديلة، فيما يستفيد المغرب من مقدراتها في الطاقات الأحفورية. ويمكن اعتبار أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب مدخلا لهذا النوع من التعاون.
بهذه السياسة الإفريقية الوحدوية قد تتحول القارة الإفريقية، بل لا شك أنها ستتحول إلى قطب طاقي على المستوى الدولي؛ يحفظ من جهة قدراته الطاقية الأحفورية، ومن جهة ثانية يحسّن موقعه في ميزان الطاقة الدولي مستقبلا، عندما تكسر الطاقات البديلة -وقد شرعت في ذلك- قواعد التبادلات الطاقية القديمة، وعندما تدخل الصناعة -وقد بدأت ذلك- مضمارا جديدا من الصناعات الكهربائية والمعدنية واللوجستية. وحتى لا تضيع الفرصة من يد الأفارقة، كما ضاعت من يدهم ويد غيرهم فرص الاستقلال بالطاقات الأحفورية، يجب أجرأة التعاون الاقتصادي-السياسي بين الدول الإفريقية استعدادا لعالم من التكتلات الكبرى (متعدد الأقطاب) يحول الدول الصغرى والخارجة عن كل تكتل إلى مصدر من مصادر نمو وتطور هذه التكتلات.
والسؤال المطروح بهذا الخصوص: كيف تتم أجرأة هذا التعاون؟ هذه بعض الإجراءات الضرورية والملحة:
-إنهاء النزاعات المسلحة والتوترات السياسية والعسكرية؛ وهنا تلتقي الدول الإفريقية مع استراتيجية د. ترامب، دون أن تلتقي معه في أغراضه الاقتصادي بالضرورة، والتي تحتاج إلى تدبير موازنة بين الأطراف الأجنبية.
-استثمار التجمعات الاقتصادية الإقليمية في تأسيس تكتل اقتصادي واحد يشتغل ضمن أجهزة وهياكل الاتحاد الإفريقي، دون أن يلغي هذا التأسيس الحظ الكافي من استقلال الرأسمالات الإفريقية في بلدانها على مستوى الإنتاج والتسويق والتبادل.
-تنسيق العلاقة بالقوى الأجنبية ما أمكن. وهذا في حاجة إلى إنهاء النزاعات، ثم تفعيل آليات الاتحاد الإفريقي إلى أبعد مدى، وفق ما تسمح به الضرورة العالمية في الشرط السياسي-الاقتصادي الحالي.
-تعزيز الكفاءة اللوجستية في الدول الإفريقية، من خلال المساعدات وتبادل الخبرات وتقليص التكاليف على أطراف هذا التبادل بمنطق “رابح-رابح” حسب مؤهلات كل دولة إفريقية على حدة.
-تشجيع البحث العلمي والدراسات الاستراتيجية والجيوسياسية والاقتصادية في الدول الإفريقية؛ فمن شأن هذا الإجراء أن يطور قوى الإنتاح المؤهلة للتأقلم مع اقتصاد الطاقات البديلة، كما من شأنه أن يساهم في دراسة واستشراف موقع القارة الإفريقية في المستقبل.
…الخ.
-
الكونغو: نزاع على أحد أكبر مكامن الليثيوم في العالم يشعل أزمة قانونية دولية
تحرير: ماهر الرفاعياتهمت شركة “إيه في زد مينيرالز” الأسترالية حكومة الكونغو الديمقراطية بخرق أوامر تحكيم دولية، عقب إعلان كينشاسا عن... إقتصاد -
لندن تعلن عن أول قمة اقتصادية لتعزيز الشراكة مع أفريقيا عام 2026
تحرير: صفاء فتحيأعلن رئيس بلدية لندن صادق خان عن تنظيم قمة اقتصادية تعقد لأول مرة العام المقبل، بهدف تعزيز التعاون... إقتصاد -
الكاميرون: 99% من إنتاج الكاكاو أصبح قابلاً للتتبع
تحرير: محمد المكوديأعلنت الكاميرون أنها نجحت في جعل 99% من إنتاجها من الكاكاو قابلاً للتتبع من المزارع الفردية وحتى وصوله... إقتصاد -
مشروع مصري لإنشاء محطة للطاقة الشمسية في دولة أوغندا
تحرير: أفريكا آياجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الإثنين، مع اللواء مختار عبد اللطيف، رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع،... إقتصاد -
“البنك الإفريقي للتنمية” يوافق على تمويل للمغرب قدره 100 مليون أورو
تحرير: أفريكا آي - و م عوافق مجلس إدارة مجموعة البنك الإفريقي للتنمية على تمويل قدره 100 مليون أورو للمغرب... إقتصاد -
17 مليون دولار من بنك التنمية الأفريقي لدعم التعافي في شمال موزمبيق
تحرير: وداد وهبيأعلن مجلس إدارة بنك التنمية الأفريقي عن منح موزمبيق تمويلا بقيمة 17 مليون دولار، في إطار مشروع يهدف... إقتصاد