العلاقات الإفريقية الفرنسية واسترداد الممتلكات الثقافية المسلوبة محور نقاش جديد في باريس
تشهد العاصمة الفرنسية باريس نقاشا متجددا حول ملف إعادة الممتلكات الثقافية الإفريقية التي انتقلت إلى فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية، في ظل استعداد الحكومة الفرنسية لعرض مشروع قانون جديد مع نهاية شهر يوليوز الجاري. ويهدف المشروع المقترح إلى تسريع وتسهيل آليات إعادة هذه القطع إلى بلدانها الأصلية، عبر اعتماد مسطرة إدارية أكثر مرونة.
هذا النقاش يأتي في إطار متابعة تعهد سابق أطلقه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سنة 2017، تعهد نص على دعم عودة الممتلكات المنهوبة إلى إفريقيا. ورغم مرور عدة سنوات على ذلك الإعلان، لم تتجاوز عمليات الاسترداد سوى عدد محدود من القطع، بينها 27 قطعة فقط، ذهبت غالبيتها إلى بنين سنة 2021، بينما تظل آلاف الطلبات المقدمة من عشر دول إفريقية قيد الانتظار.
وتبرز مقارنة المسار الفرنسي بمسارات أخرى داخل أوروبا، حيث سجلت بلدان مثل ألمانيا خطوات متقدمة في هذا المجال، من بينها إعادة أكثر من 1100 قطعة أثرية إلى نيجيريا عام 2022. هذه الفوارق الزمنية والإجرائية شكّلت موضوع نقاش واسع بين الخبراء والباحثين في التراث الثقافي، وسط إشارات إلى اختلاف الوتيرة والمعايير بين الدول الأوروبية في التعامل مع هذه القضية.
ويُشار إلى أن مشروع القانون الفرنسي الجديد يقترح تجاوز بعض التعقيدات السابقة، من خلال منح صلاحية اتخاذ قرار إعادة القطع الأثرية إلى مجلس الدولة بموجب مرسوم خاص، بدلا من إلزامية استصدار قانون برلماني منفصل لكل حالة. وتثير هذه الخطوة نقاشا في الأوساط البرلمانية والعلمية حول شروط الضبط المؤسسي والبحث العلمي الضروريين في كل عملية استرداد.
وفي خضم هذا الجدل، أكدت وزيرة الثقافة رشيدة داتي أن النص التشريعي الجديد يهدف إلى معالجة الإشكالات التي برزت في المحطات السابقة. وكانت عدة مقترحات قد تعرضت في السنوات الماضية للنقد، سواء من مجلس الدولة أو من أعضاء مجلس الشيوخ، خاصة بشأن الجوانب المتعلقة بتوثيق أصل القطع وأحقيتها في العودة، وهو ما نتج عنه سحب نصوص من التداول وارتفاع الدعوات لاعتماد مساطر علمية دقيقة تضمن الشفافية في معالجة هذا الملف.
ومن بين الحالات التي أفرزت نقاشا واسعا، واقعة إعادة فرنسا لأربعة وعشرين جمجمة إلى الجزائر سنة 2020، قبل أن توضح تحقيقات لاحقة أن هوية أغلب الجماجم لم تكن محسومة بشكل قاطع. وتكرر الجدل مع إعادة سيف إلى السنغال في ظل خلافات حول نسبه التاريخي. وتكشف هذه السوابق عن أهمية الاعتماد على دراسات علمية وموثقة في كل عملية إعادة للقطع التراثية، من أجل تعزيز الثقة وضمان احترام الإرث الثقافي.
وفي ضوء هذه التحديات، يدعو عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضرورة أن يرافق كل إجراء لإعادة الممتلكات بحث علمي متكامل، يتيح التثبت من صحة نسب القطع ويصون حقوق الأطراف المعنية. ويطرح هذا المسار رؤية قائمة على معالجة الملفات وفق منهجية مؤسساتية قائمة على المعايير الدولية، بدل الاقتصار على اجتهادات ظرفية أو اعتبارات سياسية عابرة.
ويشكل هذا التوجه فرصة لتعزيز أواصر التعاون الدبلوماسي والثقافي بين فرنسا والدول الإفريقية، مع ما يحمله من دعم لمشاريع إعادة بناء الذاكرة الجماعية وترسيخ الهوية الثقافية لدى المجتمعات التي فقدت جزءا من تراثها بفعل التحولات التاريخية. ويتوقف نجاح مشروع القانون الجديد على قدرته في تحقيق التوازن بين سرعة الاستجابة لمطالب الاسترداد والالتزام الصارم بمبادئ الشفافية والمنهج العلمي، بما يضمن استمرارية الحوار وتطور العلاقات الإفريقية الفرنسية في المستقبل.
-
مؤسسات القارة الإفريقية (4): السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا “كوميسا”
تحرير: أفريكا آيتعتبر السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (COMESA) أحد أبرز المشاريع الاقتصادية الإقليمية في القارة الإفريقية، حيث تضم 21... اخترنا لكم -
إفريقيا.. موطن الحيوانات النادرة المهددة بالانقراض
تحرير: أفريكا آيتحتضن القارة الإفريقية واحداً من أغنى التنوعات البيولوجية في العالم، حيث تمتد سهول السافانا والغابات الاستوائية والصحارى الشاسعة... اخترنا لكم -
الحدث الأسبوعي في إفريقيا.. أسبوع مضطرب يعيد رسم ملامح القارة
تحرير: أفريكا آيشهدت القارة الإفريقية هذا الأسبوع سلسلة من الأحداث المتسارعة، عكست حجم التحديات التي تواجهها دولها بين أزمات أمنية... اخترنا لكم -
مابوتو.. عاصمة موزمبيق بين الجمال المعماري والتحديات الحضرية
تحرير: صفاء فتحيتطل مدينة مابوتو، عاصمة موزمبيق، على المحيط الهندي بساحل يمتد على مسافات طويلة، ما منحها مكانة متميزة كمركز... اخترنا لكم -
السودان.. تاريخ من الصراعات والتحولات السياسية والثقافية
تحرير: أفريكا آييتمتع السودان بتاريخ طويل ومعقد يمتد لآلاف السنين، جعل منه نقطة التقاء للحضارات الإفريقية والعربية، ومسرحًا لأحداث سياسية... اخترنا لكم -
أنتناناريفو.. قلب مدغشقر الثقافي وجسر إفريقيا إلى المحيط الهندي
تحرير: صفاء فتحيتجمع مدينة أنتناناريفو، عاصمة مدغشقر، بين أصالة التاريخ وثراء التنوع الثقافي، إذ تعكس أحياؤها وأسواقها مزيجا فريدا من... اخترنا لكم