مناطق في إفريقيا مهددة بالزوال تحت وطأة التغير المناخي

تحرير: ماهر الرفاعي

تتعرض مناطق واسعة في إفريقيا لخطر الزوال نتيجة التغيرات المناخية المتسارعة التي تشهدها القارة في السنوات الأخيرة. لا يقتصر الأمر على ارتفاع درجات الحرارة أو اختلال الفصول، بل يمتد ليشمل تهديدا مباشرا لوجود تجمعات سكانية، نظم زراعية، وموارد مائية باتت في مهب التقلبات المناخية.

تشير تقارير علمية إلى أن القارة الإفريقية من أكثر المناطق هشاشة أمام التغير المناخي رغم أنها الأقل مساهمة في انبعاثات الكربون العالمية. هذا التناقض ينعكس بشكل واضح على دول الساحل التي تواجه تمدد التصحر، ندرة المياه، وتراجع المساحات الصالحة للزراعة، ما يدفع السكان إلى النزوح القسري، ويغذي الصراعات المحلية على الموارد.

في دلتا النيجر، تهدد الفيضانات المتكررة وفقدان الأراضي الرطبة سبل العيش التقليدية لمجتمعات تعتمد على الصيد والزراعة. أما في القرن الإفريقي، فقد أودت موجات الجفاف المتتالية بحياة الملايين من رؤوس الماشية، ودفعت بعشرات الآلاف إلى الهجرة من قراهم، في واحدة من أخطر الأزمات البيئية المرتبطة بندرة الأمطار واختلال دورة المواسم.

تشهد بحيرة تشاد، التي كانت تعد من أكبر المسطحات المائية في القارة، تقلصا مستمرا منذ عقود. تراجع منسوب المياه في البحيرة خلق حالة من التوتر بين الدول المطلة عليها، وفاقم الأوضاع الإنسانية لمجتمعات تعتمد عليها كمصدر أساسي للماء والغذاء. وبالإضافة إلى ذلك، أدى الانكماش البيئي إلى تأجيج النزاعات المسلحة في بعض المناطق، نتيجة انهيار البنى الاقتصادية الهشة.

تتأثر المدن الساحلية بدورها بارتفاع مستوى سطح البحر، مما يهدد البنية التحتية والمناطق السكنية في عواصم كلاجوس، أبيدجان، وداكار، التي تواجه ضغطا سكانيا متزايدا وتوسعا حضريا سريعا دون تخطيط مناخي ملائم. وتزيد هذه العوامل من احتمالية وقوع كوارث طبيعية مدمرة، يصعب التنبؤ بها أو احتواؤها.

تعكس هذه التحولات المناخية واقعا جديدا يتطلب تدخلا شاملا على المستويين المحلي والدولي، عبر خطط طويلة الأمد تشمل التكيف المجتمعي، تحسين الإدارة البيئية، وتعزيز العدالة المناخية في مواجهة تحد يتجاوز قدرات الدول الإفريقية منفردة. فالقارة، رغم غناها الطبيعي والتنوع الهائل في نظمها البيئية، تواجه امتحانا مصيريا عنوانه البقاء في زمن المناخ المتغير.