الصين تلغي الرسوم الجمركية على البن الأفريقي: خطوة استراتيجية تعيد رسم خريطة التجارة العالمية

تحرير: وداد وهبي

في تحول استراتيجي يعكس طموحها في توسيع حضورها في إفريقيا، أعلنت الصين عن إلغاء جميع الرسوم الجمركية على واردات البن من 53 دولة أفريقية. وقد جاء الإعلان خلال الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني-الأفريقي المنعقد في مدينة تشانغشا، في خطوة تهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية وفتح الأسواق الصينية أمام المنتجات الزراعية القادمة من القارة.

يشمل القرار  دولا لم تكن تستفيد من الامتيازات التفضيلية سابقا، مثل نيجيريا وجنوب إفريقيا و مصر والجزائر، وهو ما يوسع قاعدة الدول الأفريقية المستفيدة من الوصول إلى السوق الصينية دون أعباء جمركية. وتشير المعطيات إلى أن هذه الخطوة ستنعكس بشكل مباشر على صادرات البن من دول مثل إثيوبيا وأوغندا ورواندا وكوت ديفوار وكينيا، التي لطالما اعتمدت على السوق الأوروبية.

تأتي هذه المبادرة في وقت تتجه فيه أوروبا إلى فرض لوائح جديدة مرتبطة بمكافحة إزالة الغابات، ما يرفع من تكلفة الالتزام بالمعايير المطلوبة، ويثقل كاهل سلاسل التوريد الزراعية القائمة على صغار المزارعين. وبالمقابل، تقدم الصين نفسها كسوق أقل تعقيدا وأكثر انفتاحا، مما من شأنه أن يرفع من جاذبيتها بالنسبة للمصدرين الأفارقة.

وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025، سجلت مقاطعة هونان ، التي تقود المبادلات التجارية الصينية-الأفريقية ارتفاعًا بنسبة 198٪ في وارداتها من البن الأفريقي، ضمن سياق نمو إجمالي في التجارة الثنائية التي بلغت 4 مليارات دولار خلال نفس الفترة.

اما على المستوى الاستهلاكي، تواصل القهوة ترسيخ مكانتها داخل الثقافة الحضرية الصينية، لا سيما بين الفئات الشابة. ومع معدل استهلاك سنوي ينمو بنسبة 21٪ منذ عام 2010، فإن السوق الصينية مرشحة لتصبح واحدة من أكبر أسواق القهوة في العالم خلال العقد المقبل.

تتيح هذه الدينامية الجديدة فرصا واعدة لمنتجي البن في إفريقيا، ليس فقط لزيادة العوائد، بل أيضا لتقليص الاعتماد على الأسواق التي تفرض شروطا تنظيمية مشددة. ويتوقع أن ينعكس هذا التحول على نمط تدفق التجارة العالمية، مع توجه متزايد للصادرات نحو آسيا بدلا من أوروبا وأمريكا الشمالية.

كما أن هذا الانفتاح الصيني على المنتجات الزراعية الأفريقية لا يقتصر على البن، بل يشمل أيضا السمسم والفلفل الجاف ومنتجات أخرى، مما يعزز التبادل التجاري ويعمق أواصر التعاون جنوب-جنوب ضمن رؤية متكاملة تسعى إلى تنمية الروابط الاقتصادية بعيدا عن الهيمنة التقليدية للأسواق الغربية.

ومع استمرار ارتفاع الطلب في الصين وتوسع القنوات التجارية، يبدو أن السوق الصينية بصدد التحول إلى محور رئيسي لصادرات البن الأفريقي، الأمر الذي من شأنه إعادة تشكيل معادلات التجارة وموازين التأثير في قطاع طالما ارتبط بتوجهات القوى الغربية.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض