سياحة السفاري في إفريقيا: بين المكاسب الاقتصادية والتحديات البيئية

تحرير: ماهر الرفاعي

تستقطب “سياحة السفاري” آلاف الزوار سنويا إلى البلدان الإفريقية التي تزخر بالتنوع البيئي والأنواع الحيوانية النادرة. غير أن هذا النشاط، الذي يروج له باعتباره وسيلة لدعم الاقتصاد المحلي والحفاظ على البيئة، يخفي في طياته آثارا غير مرئية على النظم البيئية والحياة البرية.

رغم الفوائد الاقتصادية التي تحققها السياحة البيئية من حيث خلق فرص الشغل وجلب العملة الصعبة، إلا أن الضغوط التي تفرضها على المناطق الطبيعية تثير تساؤلات حول استدامتها. فقد أدت كثافة الزوار وازدياد حركة المركبات إلى اضطرابات في سلوك الحيوانات البرية، وتغير أنماط هجرتها، بل وتزايد مستويات التوتر لديها.

كما أن إنشاء بنى تحتية خاصة بالسياحة مثل المخيمات، الطرق، والمرافق الفندقية في قلب المحميات، غالبا ما يتم على حساب المواطن الطبيعية، مما يعرض بعض الأنواع لخطر الانقراض نتيجة تقلص بيئاتها الأصلية. في بعض الحالات، تتأثر الموارد المائية والغذائية التي تعتمد عليها الحيوانات بفعل تزايد استهلاكها من طرف الفاعلين السياحيين.

من جهة أخرى، يطرح تساؤل حول مدى استفادة المجتمعات المحلية من هذا النشاط. ففي العديد من الدول، تسيطر شركات أجنبية على عائدات السياحة، بينما تبقى المجتمعات المحيطة بالمحميات في دائرة التهميش، دون أن تنال حصة عادلة من الأرباح أو تستشار في القرارات المرتبطة بإدارة مواردها الطبيعية.

وفي ظل هذه التحديات، بات من الضروري إعادة التفكير في نموذج السياحة البيئية السائد حاليا في إفريقيا. فالموازنة بين الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية الاقتصادية تتطلب سياسات دقيقة، تضمن احترام الأنظمة البيئية، إشراك السكان المحليين، وتوزيعا منصفا للعائدات، مع فرض مراقبة صارمة على الأنشطة السياحية لتفادي تحولها إلى تهديد خفي يستنزف ما تبقى من الحياة البرية في القارة.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض