حديث عبد الله العروي عن إفريقيا في كتابه الجديد “دفاتر كوفيد”
محمد زاوي
سلط قراء وباحثون الضوء على عدد من المسائل والقضايا التي ناقشها أو تحدث عنها المفكر والمؤرخ المغربي عبد الله العروي في كتابه الأخير الصادر بالفرنسية، “دفاتر كوفيد”؛ إلا أن معظمهم لم ينتبه إلى إشارته في معرض كتابه لمستقبل القارة الإفريقية في ظل تشكل جديد للاستعمار والاستغلال.
وفي خضم هذه الإشارة، تساءل عبد الله العروي عن مستقبل الوجود الفرنسي في إفريقيا، فقال: “مازلنا نتسائل هل ما تزال فرنسا تحتفظ بفرصة للعب دور في القارة الإفريقية؟!” (عبد الله العروي، دفاتر كوفيد، المركز الثقافي للكتاب، الطبعة الأولى، 2024، ص 107). يأتي هذا التساؤل من قبل العروي في سياق تشهد فيه المصالح الفرنسية انحسارا في القارة الإفريقية، ما دفعها إلى تبني سياستين جديدتين: ربط نموذج جديد من العلاقات مع دول القارة، التعويض بشرق إفريقيا ووسطها وجنوبها عن الانسحاب من دول غرب القارة.
لا يرصد العروي هذا التحول فقط، بل يثير نقطة أخرى أكثر أهمية، هي: ربط الاستعمار بفرنسا وحدها وكأنها الدولة الوحيدة التي مارست الاستعمار في نموذجه القديم، وذلك دون انتباه إلى نموذج جديد من الاستعمار يتشكل في القارة الإفريقية ولا يثير أي معارضة من قبل معارضي الاستعمار الفرنسي. يقول عبد الله العروي في هذا الصدد إن البعض “يطالب فرنسا وحدها بالتوبة التي لا تطالَب بها الدول الاستعمارية الأخرى”، في حين أن “هناك دولا استعمارية كانت أكثر قسوة من فرنسا”، كما أن “المستعمرين الجدد يتصرفون بجشع أكبر دون أن يعارضهم معارضو الاستعمار الفرنسي”. (نفس المرجع، ص 107-108)
بعد ذلك يعقب عبد الله العروي على متحدثين يقدَّمون على أنهم متخصصون، والحقيقة أنهم لا يفهمون ما حصل ويحصل لبلادهم من استعمار. لا يميزون بين هذا الاستعمار وبين أنواع أخرى من الهيمنة حصلت في بلادهم أو أن أسلافهم مارسوها على غيرهم تحت مسميات عديدة. لا يهتدون إلى أن استعمار القرن 19، بما فيه الاستعمار الذي تعرضت له القارة الإفريقية، لم يمارس بمبررات قيمية أو أخلاقية أو دينية أو إنسانية أو تقدمية (نفس المرجع، ص 108)
ماذا يحاول العروي قوله من خلال هذا التذكير؟ لعله ينبه إلى الطبيعة الاقتصادية للاستعمار في نموذجيه القديم والجديد.. فإذا كان كل ما يهتم به الرأسمال هو الربح واستنزاف الخامات والثروات وفائض القيمة الإفريقي، فما الداعي إذن للمفاضلة بين استعمار فرنسي قديم وآخر جديد يتشكل بأساليب جديدة لكن بنفس أغراض الرأسمال؟! إنه تنبيه من قبل عبد العروي للقارة الإفريقية حتى تحسن التصرف والاستفادة من تناقض القوى العالمية بدل الخضوع لبعضها والمساهمة ذاتيا في تجديد الاستعمار والاستغلال الرأسمالي الأجنبي. إنها دعوة مبطنة للدول الإفريقية الكبرى حتى تحول دون تعرض القارة الإفريقية لعملية سيطرة اقتصادية-سياسية جديدة.
-
أبيدجان: واجهة كوت ديفوار ومرآة تحولات غرب أفريقيا
تحرير: صفاء فتحيتنهض أبيدجان كل يوم بروح جديدة، مدينة لا تعرف التوقف عن التجدد، لتفرض نفسها كواحدة من أهم المدن... اخترنا لكم -
تصاعد التوتر في صنعاء: أنصار الله تعتقل الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام
تحرير: وداد وهبي اعتقلت جماعة "أنصار الله" في اليمن يومه الأربعاء، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام، غازي أحمد الأحول، في... سياسة -
مؤسسات القارة الإفريقية (4): السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا “كوميسا”
تحرير: أفريكا آيتعتبر السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (COMESA) أحد أبرز المشاريع الاقتصادية الإقليمية في القارة الإفريقية، حيث تضم 21... اخترنا لكم -
إفريقيا.. موطن الحيوانات النادرة المهددة بالانقراض
تحرير: أفريكا آيتحتضن القارة الإفريقية واحداً من أغنى التنوعات البيولوجية في العالم، حيث تمتد سهول السافانا والغابات الاستوائية والصحارى الشاسعة... اخترنا لكم -
الحدث الأسبوعي في إفريقيا.. أسبوع مضطرب يعيد رسم ملامح القارة
تحرير: أفريكا آيشهدت القارة الإفريقية هذا الأسبوع سلسلة من الأحداث المتسارعة، عكست حجم التحديات التي تواجهها دولها بين أزمات أمنية... اخترنا لكم -
مابوتو.. عاصمة موزمبيق بين الجمال المعماري والتحديات الحضرية
تحرير: صفاء فتحيتطل مدينة مابوتو، عاصمة موزمبيق، على المحيط الهندي بساحل يمتد على مسافات طويلة، ما منحها مكانة متميزة كمركز... اخترنا لكم