سيدي بوسعيد: أيقونة معمارية تونسية تحرس ذاكرة المتوسط
تحرير: صفاء فتحي
تفرض قرية سيدي بوسعيد حضورها في المشهد السياحي التونسي والدولي بفضل طابعها المعماري الفريد وموقعها المطل على البحر. تمتد على ربوة شمال العاصمة تونس، حيث تلتقي المباني البيضاء بالأبواب والنوافذ الزرقاء في مشهد بصري متناسق، لا يزال يحافظ على طابعه الأصيل رغم التحولات العمرانية المتسارعة في باقي مناطق البلاد. يعود تاريخ تأسيس القرية إلى القرن الثالث عشر، لكنها اكتسبت شهرتها من ارتباطها بالمتصوف سيدي أبو سعيد الباجي، الذي أقام فيها واتخذها مقاما للعبادة والعزلة.
تحولت سيدي بوسعيد، بداية من القرن العشرين، إلى نقطة جذب للنخب الثقافية الأوروبية، خاصة الرسامين والكتاب الذين وجدوا في هدوئها وإضاءتها الطبيعية مصدر إلهام فني. من بين هؤلاء الرسام السويسري بول كلي، الذي التقط في أعماله ألوان القرية وخطوطها المعمارية الدقيقة، معيدا إنتاجها من خلال منظور حداثي لا يخلو من الإعجاب بخصوصية المكان. بقيت القرية، منذ ذلك الحين، حاضرة في المتخيل السياحي بوصفها فضاء تتقاطع فيه الذاكرة المتوسطية مع التعبير المعماري المحلي.
تخضع سيدي بوسعيد منذ عقود لقوانين حماية عمرانية صارمة تمنع التغيير في هندسة المباني أو ألوانها، وهو ما ساعد على الحفاظ على الطابع العام للقرية ومنع التوسع العشوائي. لا توجد فيها منشآت سياحية ضخمة أو علامات تجارية عالمية، بل تعتمد على مقوماتها الذاتية التي تتجلى في الأزقة الضيقة، المقاهي التقليدية، المحلات الحرفية، والمشاهد البانورامية التي تطل على خليج تونس.
ترتبط التجربة في سيدي بوسعيد بإيقاع مختلف عن باقي الوجهات السياحية. لا تفرض القرية على الزائر برنامجا محددا أو معالم بارزة بعينها، بل تتيح له فرصة التجول الحر، والتفاعل مع المكان من خلال التفاصيل اليومية. يشرب الزوار الشاي بالنعناع في مقهى بسيط يطل على البحر، يتأملون الزخارف الحديدية للنوافذ، أو يتوقفون لشراء قطع خزفية يدوية الصنع من أحد الباعة المحليين، في تفاعل مباشر مع ثقافة لا تزال تحتفظ بكثير من عناصرها الأصلية.
يمنح الموقع الجغرافي للقرية، المطل على البحر وعلى قرطاج من الجهة المقابلة، بعدا رمزيا يعزز مكانتها في الذاكرة الوطنية. فهي لا تمثل فقط وجهة للراحة أو الاستجمام، بل تقدم صورة عن علاقة تونس بتاريخها، وعن قدرتها على التوفيق بين الخصوصية المحلية والانفتاح على الزائر الأجنبي دون تفريط أو تكلف.
لا تعتمد سيدي بوسعيد على الدعاية ولا تبحث عن الصخب الإعلامي، لكنها تظل من أكثر المواقع استقطابا للزوار، سواء من داخل تونس أو خارجها. ويكمن سر هذا الحضور في التوازن الدقيق بين الجمال الطبيعي، البناء المعماري، والسردية الثقافية التي تتكون تدريجيا مع كل زيارة، دون أن تفرض نفسها أو تطلب الاعتراف.
-
أبيدجان: واجهة كوت ديفوار ومرآة تحولات غرب أفريقيا
تحرير: صفاء فتحيتنهض أبيدجان كل يوم بروح جديدة، مدينة لا تعرف التوقف عن التجدد، لتفرض نفسها كواحدة من أهم المدن... اخترنا لكم -
تصاعد التوتر في صنعاء: أنصار الله تعتقل الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام
تحرير: وداد وهبي اعتقلت جماعة "أنصار الله" في اليمن يومه الأربعاء، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام، غازي أحمد الأحول، في... سياسة -
مؤسسات القارة الإفريقية (4): السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا “كوميسا”
تحرير: أفريكا آيتعتبر السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (COMESA) أحد أبرز المشاريع الاقتصادية الإقليمية في القارة الإفريقية، حيث تضم 21... اخترنا لكم -
إفريقيا.. موطن الحيوانات النادرة المهددة بالانقراض
تحرير: أفريكا آيتحتضن القارة الإفريقية واحداً من أغنى التنوعات البيولوجية في العالم، حيث تمتد سهول السافانا والغابات الاستوائية والصحارى الشاسعة... اخترنا لكم -
الحدث الأسبوعي في إفريقيا.. أسبوع مضطرب يعيد رسم ملامح القارة
تحرير: أفريكا آيشهدت القارة الإفريقية هذا الأسبوع سلسلة من الأحداث المتسارعة، عكست حجم التحديات التي تواجهها دولها بين أزمات أمنية... اخترنا لكم -
مابوتو.. عاصمة موزمبيق بين الجمال المعماري والتحديات الحضرية
تحرير: صفاء فتحيتطل مدينة مابوتو، عاصمة موزمبيق، على المحيط الهندي بساحل يمتد على مسافات طويلة، ما منحها مكانة متميزة كمركز... اخترنا لكم