إفريقيا تحترق بصمت: قارة تُعاقَب على ذنب لم ترتكبه

تحرير: أفريكا آي

رغم أنها لم تساهم إلا بنسبة ضئيلة في الانبعاثات الكربونية العالمية، تقف إفريقيا اليوم في الخطوط الأمامية لمواجهة التحول المناخي، تدفع الثمن الأكبر لأزمة لم تكن من صناعتها. من الجفاف المتزايد إلى الفيضانات الكارثية، يفرض تغير المناخ واقعًا بيئيًا واقتصاديًا يهدد ملايين البشر على امتداد القارة.

تشهد إفريقيا خلال العقدين الماضيين تغيرات مناخية غير مسبوقة. الحرارة ترتفع بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي، وأنماط الأمطار تتغير، ما ينعكس مباشرة على قطاعات الزراعة والمياه والطاقة. هذه التغيرات تهدد الأمن الغذائي في قارة تعتمد شعوبها بنسبة كبيرة على الزراعة المطرية، ما يُنذر بتفاقم الفقر والهجرة البيئية والنزاعات على الموارد.

منطقة الساحل الإفريقي تمثل إحدى أخطر بؤر التغير المناخي، حيث يتراجع الغطاء النباتي بسرعة مقلقة، ويزحف التصحر نحو أراضٍ كانت خصبة يومًا ما. أما دول القرن الإفريقي، فتواجه موجات متكررة من الجفاف، تتسبب في انهيار المحاصيل ونفوق الماشية، وتدفع الأسر إلى النزوح والهجرة القسرية داخل حدودها وخارجها.

ورغم محدودية الموارد، تبذل بعض الدول الإفريقية جهودًا ملموسة لمواجهة الأزمة. فالمشروعات القائمة على الطاقة الشمسية والرياح بدأت تتوسع في دول مثل المغرب وكينيا وجنوب إفريقيا، وهناك توجه متزايد نحو تبني الزراعة الذكية مناخيًا. إلا أن هذه الخطوات، على أهميتها، تظل بحاجة إلى دعم تقني ومالي كبير لتؤتي ثمارها.

المجتمع الدولي، من جهته، يُظهر وعودًا أكثر من الأفعال. المبادرات مثل “الصندوق الأخضر للمناخ” و”المبادرة الإفريقية للطاقة المتجددة” ما زالت تعاني من بطء التنفيذ وضعف الالتزام المالي من قبل الدول الغنية. في المقابل، تحتاج إفريقيا إلى عشرات المليارات من الدولارات سنويًا لمواجهة التحول المناخي بفعالية.

مفهوم “العدالة المناخية” لم يعد شعارًا، بل مطلبًا وجوديًا. لا يمكن الحديث عن انتقال عادل للطاقة أو تنمية مستدامة دون الاعتراف بالظلم التاريخي الواقع على القارة الإفريقية، التي عانت استعمارًا اقتصاديًا طويلًا، ثم وُضعت الآن في مواجهة أزمة بيئية تهدد حياتها ومستقبلها.

في المحصلة، تبدو إفريقيا وكأنها تحترق بصمت وسط صخب المؤتمرات الدولية والوعود البيئية. لكن صوت القارة بدأ يرتفع، ومعه وعي جديد بحقها في التنمية المستدامة والحماية المناخية. الكرة اليوم في ملعب العالم: إما إنصاف إفريقيا، أو خسارة مستقبلها — ومعه مستقبل الكوكب بأسره.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض