المسرح الإفريقي: من الطقس الجماعي إلى أداة مقاومة وتحول ثقافي
بقلم: صفاء فتحي
انبثق المسرح الإفريقي من رحم الممارسات الطقوسية والتعبيرات الجسدية الجماعية التي ميزت المجتمعات القديمة في القارة، حيث تجلت منذ ما قبل التاريخ أشكال أولية من الأداء المسرحي من خلال الرقص، الغناء، والاحتفالات الجماعية ذات البعد الرمزي والديني. لم يكن المسرح في بداياته يعتمد على النصوص المدونة أو الخشبة كما في المفهوم الغربي، بل استمد روحه من الذاكرة الشفاهية ومن التفاعل المباشر مع الجمهور. وقد كان المنشدون الذين يؤرخون للبطولات والأساطير الشعبية بمثابة حماة للهوية الثقافية، ينسجون من السرد والرمز حكايات تعبر عن القيم الجماعية وترسخ ذاكرة الجماعة في مواجهة محيط طبيعي واجتماعي متحول. وبهذا المعنى، لم تكن إفريقيا غائبة عن المسرح، بل كانت تمتلك شكله الخاص الذي سبق التأطير الأوروبي الحديث.
مع دخول الاستعمار الأوروبي، أصبح المسرح أداة مزدوجة بين المقاومة والتوظيف السياسي، إذ وظفه الفنانون الأفارقة للتعبير عن الذات الجماعية وللتنديد بالواقع المفروض، بينما حاولت القوى الاستعمارية توظيفه لترويج سياساتها ومشاريعها الثقافية. اتجه بعض الكتاب إلى تبني اللغات الأوروبية في الكتابة المسرحية مع الحفاظ على روح التقاليد الشفهية المحلية، ما منح أعمالهم بعدا هجينيا يعكس تعقيد المرحلة. وشهدت تلك الفترة ظهور أقلام مسرحية بارزة حاولت مساءلة النظام الاستعماري وأثره الاجتماعي والثقافي، مستفيدة من التعليم الكولونيالي ذاته. لاحقا، ومع حصول دول عديدة على الاستقلال، أعاد المسرح الإفريقي تموضعه كأداة تحليل ومقاومة، مسلطا الضوء على اختلالات ما بعد الاستقلال وتناقضات الأنظمة الجديدة، ما أسهم في ظهور تيارات واقعية تحاكي صراعات الإنسان الإفريقي اليومية.
تنامى هذا الحقل الفني بشكل ملحوظ في أواخر القرن العشرين وبداية الألفية، مستفيدا من التراث الشعبي الواسع وأساليب التعبير التقليدي، وبرزت أنماط محلية مثل “كوتيبا” في مالي ومسرح المجتمعات في بوركينافاسو كنماذج تعبر عن ارتباط المسرح بالبنية الاجتماعية والثقافية للبيئة الإفريقية. كما توجت جهود العديد من الكتاب والكاتبات بالاعتراف العالمي، من خلال جوائز كبرى مثل نوبل للأدب التي حصل عليها وول سوينكا ونادين غورديمير، مما أتاح للمسرح الإفريقي دخول مساحات أوسع من التفاعل النقدي والفني. يستمر هذا المسرح اليوم في تشكيل خطاب ثقافي يتقاطع مع قضايا السياسة، الهوية، والعدالة، محافظا على جذوره الجماهيرية ومنفتحا على آفاق التجريب والتحديث.
-
نيجيريا تتحدى واشنطن: رفض لترحيل المهاجرين ومطالبة بعلاقات أكثر ندية
تحرير: وداد وهبي في موقف لافت يعكس تحولا في علاقات إفريقيا مع القوى الغربية، أعلنت نيجيريا رفضها الصريح لمحاولات الولايات المتحدة... رأي -
إريتريا: التوازن بين العزلة الإقليمية والدور الجيوسياسي في القرن الأفريقي
بقلم: صفاء فتحيتعتمد إريتريا نهجا خارجيا قائما على الابتعاد عن الانخراط في التحالفات الإقليمية التقليدية، ما منحها هامشا أوسع للحفاظ... رأي -
صراع الأجيال في إفريقيا: بين عبق التقاليد ورياح التغيير
تحرير: رضى الغزال في قلب العواصم الإفريقية الكبرى، وبين الأزقة الضيقة للمدن الصغيرة، ينبض المجتمع بحياة مزدوجة؛ ففي الوقت الذي تحتفظ... رأي -
عملة الفرنك الإفريقي: أداة نقدية أم وسيلة تحكم فرنسي؟
بقلم: صفاء فتحيتطلب الأمر سنوات من النقاشات المتأججة والانقسامات الصامتة، حتى خرجت إلى العلن قضية الفرنك الإفريقي، العملة التي ما... رأي -
الكاف تفتح تحقيقا بشأن المنتخب الجزائري للسيدات بعد تجاوزات تهدد حياد المنافسة القارية
تحرير: أفريكا آيأعلنت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف) فتح تحقيق تأديبي ضد المنتخب الوطني الجزائري للسيدات، على خلفية شبهات بارتكاب... رأي -
أشرف حكيمي وكسر القاعدة: هل آن أوان تتويج مدافع بالكرة الذهبية؟
تحرير: رضى الغزال يثير تألق أشرف حكيمي هذا الموسم نقاشا جادا في الأوساط الرياضية حول أحقية المدافع المغربي في التتويج بالكرة... رياضة