ساو تومي: الجزيرة التي تحيي الشعر والحكايات في زمن العولمة

تحرير: صفاء فتحي

تحيي جزيرة ساو تومي إرثها الشفهي العريق في وجه عالم يتجه بخطى متسارعة نحو العولمة. رغم عزلتها الجغرافية، استطاعت هذه الجزيرة الصغيرة الواقعة في خليج غينيا أن تبني هوية ثقافية متميزة، تستمد قوتها من الشعر الشعبي، الحكايات المتوارثة، والعروض الفنية المستوحاة من تقاليد الأجداد.

في الأسواق والساحات العامة، لا تزال أصوات الشعراء المحليين تتعالى بقصائد تروى شفهيا، تستحضر قصص الأجداد، أمجاد المقاومة ضد الاستعمار، وصراعات الإنسان مع البحر والطبيعة. تشكل هذه النصوص الشفوية ذاكرة جماعية تنقل القيم والعبر من جيل إلى آخر، وتستخدم في تثقيف الشباب وتعزيز شعورهم بالانتماء إلى هويتهم الوطنية.

تعد عروض الرقص والغناء التقليدية، مثل “تتشيلولي”، تجسيدا حيا لهذا الإرث، حيث يؤدي الممثلون أدوارا تاريخية من خلال حركات راقصة وأقنعة مستوحاة من الميثولوجيا المحلية. ولا تقتصر هذه الفنون على الترفيه، بل تمارس أيضا كطقوس اجتماعية ذات مكانة خاصة في المناسبات الجماعية والاحتفالات الموسمية.

رغم محدودية الموارد والدعم الرسمي، تعمل الجمعيات الثقافية في ساو تومي على تدريب الأطفال والناشئة على فنون الإلقاء والحكي، وتسعى لتوثيق الروايات الشعبية قبل أن تندثر. كما تحاول بعض المدارس إدماج هذه العناصر في المناهج التعليمية لتعزيز الارتباط بالهوية الثقافية والوطنية.

في زمن يشهد تسارعا رقميا يهدد بتآكل الثقافات الشفوية، تشكل ساو تومي نموذجا فريدا في الحفاظ على التاريخ من خلال أدوات فنية متوارثة. هذه الجزيرة، رغم صغرها، ترفض الذوبان في نمط العولمة السائد، وتراهن على الكلمة، اللحن، والرمز لحماية خصوصيتها الثقافية.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض