واشنطن تعيد تقييم وضع كينيا كحليف رئيسي خارج “الناتو”

تحرير: صفاء فتحي

تعيد الولايات المتحدة تقييم علاقاتها الثنائية مع كينيا، بعد مرور عام فقط على منح نيروبي وضع “الحليف الرئيسي من خارج الناتو”، وهو تصنيف استراتيجي يعكس مستوى متقدما من التعاون الأمني والدبلوماسي. وتأتي هذه المراجعة في سياق تطورات متلاحقة على الساحة الدولية، أظهرت انخراط كينيا في شراكات متعددة الاتجاهات، أثارت اهتمام صانعي القرار في واشنطن.

منح التصنيف في يونيو 2024 خلال زيارة رسمية للرئيس الكيني إلى الولايات المتحدة، اعتبر آنذاك تتويجا لمسار طويل من التعاون الثنائي، خاصة في مجالات الأمن الإقليمي والدعم اللوجستي للمهمات الدولية. غير أن تحركات كينيا اللاحقة على المستوى الخارجي دفعت مجلس الشيوخ الأمريكي إلى طرح مشروع قانون يدعو إلى مراجعة شاملة لهذا التصنيف خلال فترة زمنية محددة، عبر تقرير يتضمن تقييما تفصيليا لعدة محاور مرتبطة بسياسات نيروبي الإقليمية والدولية.

تتضمن هذه المراجعة تحليلا للعلاقات العسكرية والتقنية بين كينيا وعدد من القوى الدولية، إضافة إلى فحص أطر التعاون في مجالات التدريب وتبادل الخبرات. كما يشمل التقرير دراسة مستوى التزام نيروبي بالمعايير الدولية ذات الصلة بالإدارة الرشيدة، الشفافية المؤسسية، والتشريعات التنظيمية، انطلاقا من معايير الشراكة ومتطلبات الحفاظ على استقرار المنظومة الأمنية المشتركة.

في السياق الداخلي، أثارت هذه المراجعة نقاشا واسعا في الأوساط السياسية الكينية، حيث عبرت بعض الشخصيات المعارضة عن مخاوف بشأن انعكاسات محتملة على صورة البلاد وشبكة علاقاتها الاستراتيجية. وفي المقابل، شددت السلطات الكينية على التزامها بالحفاظ على نهج متوازن في السياسة الخارجية، يستند إلى المصالح الوطنية ومبادئ السيادة، مع الحفاظ على شراكات بناءة مع مختلف القوى الدولية.

من ناحية عملية، قد يفضي تعديل أو إلغاء التصنيف إلى مراجعة بعض امتيازات التعاون الثنائي، خاصة تلك المرتبطة بالبرامج المشتركة والدعم اللوجستي، مما قد يتطلب إعادة ترتيب للأولويات الدفاعية والاقتصادية. ويشمل ذلك احتمالية تقليص فرص الشركات الكينية في الاستفادة من برامج الشراء المشترك أو الأبحاث التكنولوجية المرتبطة بالصناعات السيادية.

في الوقت نفسه، تواصل كينيا توسيع دائرة علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية، لاسيما في إطار مبادرات التعاون، والتكتلات الصاعدة التي تسعى إلى بناء نموذج جديد من التوازن العالمي. ويفسر هذا التوجه في بعض الأوساط على أنه جزء من إعادة تموضع يهدف إلى تعظيم المكاسب الوطنية وتنويع الشراكات، دون الانحياز إلى محور على حساب آخر.

ينظر إلى هذه المرحلة بوصفها اختبارا لقدرة نيروبي على الموازنة بين التزاماتها القديمة وآفاقها المستقبلية، في سياق عالمي تتسارع فيه التحولات ويزداد فيه التداخل بين الاقتصاد، السياسة، والاستراتيجية. فالمراجعة الأمريكية، بغض النظر عن مآلاتها، تؤشر إلى لحظة دقيقة في مسار العلاقات الثنائية، تستوجب إعادة تقييم للخيارات من قبل الطرفين، بما يضمن الاستقرار والتكامل في بيئة دولية معقدة ومتغيرة.فهل تمتلك كينيا الأدوات الكافية لبلورة سياسة خارجية متعددة المسارات، دون المساس بتوازنها الجيوسياسي؟

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض