الريغي… موروث ثقيل على كاهل ساحل العاج
بقلم: عمر يانكيني ، جامعة افريقيا الإسلامية ؛ ابيدجان كوت ديفوار
استفاق العالم صباح الحادي عشر من ماي عام 1981 على نبأ صادم هز عشاق الفن والموسيقى، بل وكل إنسان ينبض قلبه بالحياة وروعة الإلهام: وفاة الفنان العالمي، وأيقونة موسيقى الريغي، ونبي الحركة الرستافارية، روبرت نستا مارلي، المعروف بـ بوب مارلي.
ومنذ ذلك الحين، ظل السؤال مطروحا: من سيرث هذا الكنز الموسيقي الثمين، ويواصل مسيرته الإبداعية؟
في مفارقة غريبة من مفارقات القدر، رحل بوب مارلي بينما كان يعد لجولة فنية عالمية، وكانت من بين وجهاته دولة إفريقية متواضعة آنذاك، تشهد نموا اقتصاديا سريعا في سبعينيات القرن الماضي، وتشغلها الموسيقى شغفا وحبا، لا سيما موسيقى الريغي التي تصدرها مارلي إلى العالم… إنها ساحل العاج. فكانت خيبة أمل عميقة لدى شعبها حين بلغهم خبر وفاته، وقد كانوا على وشك استقباله في أول زيارة له لأرضهم.
ولمن يؤمنون بالتقمص أو بسطوة الأقدار، بدا من غير المعقول أن يكون وريث بوب مارلي فنانا إيفواريا شابا، مشاغبا، بلا مأوى، يتجول في شوارع أبيدجان بثياب مهترئة، بعد تجربة فاشلة في الولايات المتحدة، باحثا عن ذاته في أحياء “الغيتو”.
ذلك الشاب هو ألفا بلوندي، واسمه الحقيقي كوني سيدو، الذي فجر مفاجأة فنية في أواخر الثمانينيات حين ظهر لأول مرة على شاشة التلفزيون الوطني، بهيئة رجل نحيل منهك الملامح، لكنه يغني بثقة ووقار، بصوت يأسر القلوب والأسماع. كان أول فنان على مستوى ساحل العاج يتبنى موسيقى الريغي، التي عرفت بها جامايكا، مسقط رأس الملك الراحل بوب مارلي. ومنذ ظهوره، أسر قلوب الجماهير، وسرعان ما ذاع صيته في أرجاء البلاد.
حقق شهرة سريعة، ونجح عالميا بألبوماته المميزة مثل “كوكودي روك”، و”القدس”، حيث عبر عن موقفه الداعم للسلام في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وواصل مسيرته بعزم، مؤكدا من خلال ألبومه الأخير أنه لا يزال رمزا عالميا ثابتا على مبدأ السلام.
إلى جانبه، برز فنان آخر، دخل عالم الريغي بعده بفترة وجيزة، وهو تيكن جاه فاكولي، واسمه الحقيقي دمبيا موسى. برز فاكولي في مسار مغاير، إذ سخر موسيقاه للدفاع عن قضايا القارة الإفريقية، والمطالبة بالعدالة الاجتماعية لكل مواطن إفريقي. اتخذ من أغانيه وسيلة للنضال، كما في ألبومه الشهير “دروس التاريخ”، الذي حصد العديد من الجوائز. وفي ألبومه الأخير “غضب السلطات”، يواصل فاكولي تأكيد التزامه بقضايا القارة، رافضا الاستسلام لتحولات الزمن.
بفضل هذين النجمين، إلى جانب فنانين آخرين مثل إسماعيل إسحاق وفادال دي، يمكن القول إن ساحل العاج أصبحت بحق العاصمة الثانية لموسيقى الريغي بعد جامايكا، مهد هذا الفن، الذي انطلق على يد بوب مارلي ورفاقه بيتر توش وباني ويلر، ليظل حاضرا في وجدان الشعوب منذ أكثر من نصف قرن.
-
كرة القدم والسياسة في إفريقيا: سؤال التفاعل وحدود التداخل
بقلم: صفاء فتحيارتبطت كرة القدم في إفريقيا، منذ عقود، بتحولات اجتماعية وثقافية جعلت منها أكثر من مجرد رياضة تنافسية. وبفعل... رأي -
المسرح الإفريقي: من الطقس الجماعي إلى أداة مقاومة وتحول ثقافي
بقلم: صفاء فتحيانبثق المسرح الإفريقي من رحم الممارسات الطقوسية والتعبيرات الجسدية الجماعية التي ميزت المجتمعات القديمة في القارة، حيث تجلت... رأي -
نيجيريا تتحدى واشنطن: رفض لترحيل المهاجرين ومطالبة بعلاقات أكثر ندية
تحرير: وداد وهبي في موقف لافت يعكس تحولا في علاقات إفريقيا مع القوى الغربية، أعلنت نيجيريا رفضها الصريح لمحاولات الولايات المتحدة... رأي -
إريتريا: التوازن بين العزلة الإقليمية والدور الجيوسياسي في القرن الأفريقي
بقلم: صفاء فتحيتعتمد إريتريا نهجا خارجيا قائما على الابتعاد عن الانخراط في التحالفات الإقليمية التقليدية، ما منحها هامشا أوسع للحفاظ... رأي -
صراع الأجيال في إفريقيا: بين عبق التقاليد ورياح التغيير
تحرير: رضى الغزال في قلب العواصم الإفريقية الكبرى، وبين الأزقة الضيقة للمدن الصغيرة، ينبض المجتمع بحياة مزدوجة؛ ففي الوقت الذي تحتفظ... رأي -
عملة الفرنك الإفريقي: أداة نقدية أم وسيلة تحكم فرنسي؟
بقلم: صفاء فتحيتطلب الأمر سنوات من النقاشات المتأججة والانقسامات الصامتة، حتى خرجت إلى العلن قضية الفرنك الإفريقي، العملة التي ما... رأي