أفريقيا في الإستراتيجية الكندية: بين فرص النمو وتحديات المنافسة

بقلم: صفاء فتحي

تتحرك كندا بخطوات متسارعة لتعزيز حضورها التجاري والاستثماري في أفريقيا، في وقت يشهد اهتماما عالميا متزايدا بالقارة باعتبارها واحدة من أسرع مناطق العالم نموا. تأتي هذه الخطوة في إطار إستراتيجية “شراكة من أجل الازدهار والأمن المشتركين”، التي أطلقتها أوتاوا في مارس 2025، بعد عامين من المشاورات، استجابة لتحولات دولية دفعت إلى تنويع الشركاء الاقتصاديين وتقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية.

يمثل هذا التوجه اعترافا متزايدا بالدور الاقتصادي المتصاعد لأفريقيا، التي تضم أكثر من 1.3 مليار نسمة اليوم، ويتوقع أن يصل عدد سكانها إلى 2.4 مليار خلال العقدين المقبلين. ومع توسع الطبقة المتوسطة وارتفاع استهلاك الأسر من 2.1 تريليون دولار عام 2025 إلى 2.5 تريليون دولار بحلول 2030، تتشكل أمام المستثمرين والمصدرين فرص غير مسبوقة.

ورغم أن  كندا ما زالت تلعب دورا محدودا في الأسواق الأفريقية بصادرات سنوية لا تتجاوز 6.7 مليار دولار كندي وواردات بنحو 12.4 مليار إلا أن إستراتيجيتها الجديدة تشير إلى رغبة في توسيع الشراكات لتشمل التكنولوجيا الخضراء، البنية التحتية، النقل، والتعليم، إلى جانب مجالات الطاقة والتعدين التي تشكل حاليا جزء كبيرا من التبادل التجاري.

لكن أفريقيا ليست ساحة اقتصادية خالية. فالقوى الاقتصادية الكبرى مثل الصين، الاتحاد الأوروبي، تركيا، والهند، رسخت مواقع قوية في قطاعات حيوية، ما يجعل أي حضور كندي فعال مرهونا بالقدرة على بناء شراكات متوازنة طويلة الأمد، ونقل الخبرات، والالتزام بأولويات التنمية المحلية والإقليمية.

من جانب أفريقي، ينظر إلى التحرك الكندي كفرصة جديدة، لكن بقدر من الحذر. فالعبرة لا تكمن في حجم الاستثمارات فقط، بل في استدامتها، شروطها، ومدى اندماجها في الأجندة التنموية للقارة. وإذا استطاعت كندا تقديم نموذج يقوم على المكاسب المشتركة والتعاون المتكافئ، فقد تجد لنفسها مكانا دائما في خريطة الشركاء الموثوقين لأفريقيا.

فالقارة اليوم ليست مجرد سوق واعدة، بل طرف فاعل في إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية العالمية. ويبقى التحدي أمام كندا هو الانتقال من دور المستفيد إلى الشريك الحقيقي في قصة النمو الأفريقي.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض