نوليوود.. صناعة السينما النيجيرية التي غزت العالم بإنتاجها الضخم

تحرير: أفريكا آي

تُعد نوليوود، صناعة السينما في نيجيريا، واحدة من أكبر وأسرع الصناعات السينمائية نموًا في العالم. بدأت رحلتها في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، لتتحول خلال عقود قليلة إلى ظاهرة ثقافية واقتصادية ضخمة، منافسة لبوليوود الهندية وهوليوود الأمريكية في حجم الإنتاج وعدد المشاهدين. ويرجع نجاحها إلى قدرتها على إنتاج آلاف الأفلام سنويًا بميزانيات متواضعة، ما جعلها الصوت السينمائي الأبرز في القارة الإفريقية.

تعتمد نوليوود على قصص تعكس الحياة اليومية والمشكلات الاجتماعية التي يواجهها المواطن النيجيري، مثل الفقر، الفساد، الصراعات العائلية، والقيم الدينية. ولعل هذا الترابط الوثيق مع واقع الجمهور ساعد في تكوين قاعدة جماهيرية واسعة داخل نيجيريا وخارجها، خاصة بين جاليات الدول الإفريقية في أمريكا وأوروبا. كما تستخدم الأفلام لغات متعددة من بينها الإنجليزية واللغات المحلية مثل اليوروبا والإيبو والهوسا، ما يزيد من تنوعها وشموليتها.

تتميز أفلام نوليوود بعملية إنتاج سريعة وميزانيات منخفضة مقارنة بالمعايير العالمية، حيث يُنتج الفيلم في أيام أو أسابيع معدودة، ويُوزع غالبًا عبر أقراص الفيديو الرقمية (DVD) والـVCD، قبل أن تنتقل تدريجياً إلى منصات البث الرقمية مثل نتفليكس وأمازون برايم. هذا النموذج سمح باستمرار تدفق الأفلام وتوفير محتوى جديد بشكل شبه يومي، مما يعكس قدرة الصناعة على التكيف مع تحديات السوق.

ومع ذلك، تواجه نوليوود تحديات كبيرة، من أبرزها انتشار القرصنة التي تؤثر على أرباح المنتجين والمخرجين، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية السينمائية في البلاد، وقلة قاعات العرض التي لا تستوعب الكم الهائل من الأفلام المنتجة. كما أن محدودية التمويل تقف عائقًا أمام تحسين جودة الإنتاجات، مما يجعل الكثير من الأفلام تعاني من ضعف في التقنيات الفنية مقارنة بالمعايير الدولية.

على الرغم من هذه التحديات، حققت نوليوود إنجازات مهمة على الصعيد العالمي، أبرزها دخول أفلامها إلى منصات البث الرقمية الدولية التي مكنت الجمهور العالمي من التعرف على السينما الإفريقية. فيلم “Lionheart” الذي أخرجته جينيفيف نناجي، كان أول فيلم نيجيري يُعرض على نتفليكس، ما شكّل علامة فارقة في تاريخ الصناعة وفتح أبوابًا جديدة أمام المخرجين والمنتجين.

تلعب نوليوود دورًا اقتصاديًا وثقافيًا مهمًا في نيجيريا، حيث توفر فرص عمل لمئات الآلاف من الأشخاص وتساهم في تعزيز الهوية الثقافية النيجيرية والإفريقية. كما أن دعم الحكومة وتعزيز الاستثمار في البنية التحتية وتوفير التدريب الفني سيعززان من تنافسية الصناعة على المستوى الدولي، ويقودانها إلى تحقيق مستويات أعلى من الاحترافية والابتكار.

وختاما، تبقى نوليوود نموذجًا فريدًا للصناعة السينمائية التي نجحت رغم التحديات في الوصول إلى جمهور واسع، وتقديم قصص تعبر عن نبض الحياة الإفريقية. ومع التطور التكنولوجي والاهتمام العالمي المتزايد بالسينما الإفريقية، من المتوقع أن تستمر هذه الصناعة في النمو والازدهار، لتصبح منارات ثقافية واقتصادية تضيء مستقبل السينما في القارة.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض