أنتناناريفو.. قلب مدغشقر الثقافي وجسر إفريقيا إلى المحيط الهندي

تحرير: صفاء فتحي

تجمع مدينة أنتناناريفو، عاصمة مدغشقر، بين أصالة التاريخ وثراء التنوع الثقافي، إذ تعكس أحياؤها وأسواقها مزيجا فريدا من التأثيرات المالاغاشية، الهندية، والأوروبية، ما يجعلها واحدة من أبرز الحواضر في المحيط الهندي. تقع المدينة في قلب الجزيرة على هضبة مركزية بارتفاع يفوق 1,200 متر عن سطح البحر، في موقع استراتيجي ضمن الجنوب الشرقي للقارة الإفريقية، الأمر الذي يمنحها مناخا معتدلا ويجعلها نقطة التقاء بين الشرق الإفريقي والمحيط الهندي، إضافة إلى كونها بوابة نحو طرق التجارة البحرية القديمة.

يحضر التاريخ في ملامح أنتناناريفو من خلال معالمها البارزة، وعلى رأسها “الروڤا” أو قصر الملكة، المشيد على تلة “أنالامانغا” والمطل على أفق المدينة. ويضم القصر متحفا يوثق حقبة الممالك المحلية منذ القرن السابع عشر، وقد أعيد افتتاحه بعد ترميم شامل يعكس جهود الحفاظ على التراث الوطني. كما تقدم المأكولات التقليدية، مثل “الرومازافا” و”الكوبا”، تجربة ذوقية تجسد التعدد الجغرافي والعرقي، في حين تروي الموسيقى والرقصات الشعبية حكايات المجتمع المالاغاشي.

يمتزج المشهد الحضري في المدينة مع الفنون المعاصرة من خلال فضاءات إبداعية كمؤسسة “Fondation H” ومركز “Hakanto”، اللذين أسهما في إثراء الساحة الثقافية ودعم الفنانين المحليين. ويأتي ذلك في ظل تحديات اقتصادية وبيئية تواجهها البلاد، تشمل ارتفاع معدلات الفقر ونقص البنية التحتية، غير أن النشاط الفني والثقافي يظل عنصرا محوريا في تعزيز الهوية الوطنية والحفاظ على الموروث الإبداعي.

تجسد أنتناناريفو أكثر من كونها مركزا سياسيا وإداريا، فهي قلب نابض للثقافة والفنون في مدغشقر، ومختبر حي للتفاعل بين الماضي والحاضر. ويمنحها موقعها الجغرافي في قلب الجنوب الشرقي من إفريقيا بعدا استراتيجيا يجعلها جسرا بين القارة وفضاء المحيط الهندي، فيما يواصل سكانها، عبر الفن، الحرف، والتقاليد، صياغة صورة حضارية توازن بين الأصالة والانفتاح على العالم.

واتساب تابع آخر الأخبار على واتساب تليجرام تابع آخر الأخبار على تليجرام أخبار جوجل تابع آخر الأخبار على جوجل نيوز نبض تابع آخر الأخبار على نبض